عميد شرطة (م) عمر محمد عثمان
عقدت بالأمس ورشة تطوير الشؤون الإدارية والتخطيط تحت شعار (نحو آفاق التحديث والتطوير الرقمي). وعندما نقول إن الداخلية بدأت تسير في الطريق الصحيح، فإننا لا نلقي القول على عواهنه! فالشواهد كثيرة ومن أهمها اتخاذ العلمية منهجاً للتغيير المخطط المتدرج، فقد سبقت هذه الورشة عدة ورش من بينها ورشة الخدمات الصحية وورشة الإعلام وورشة الشرطة المجتمعية، بمشاركة مفوض الشرطة المجتمعية ببعثة الأمم المتحدة (يونتامس)، وفي الطريق ورشة ترقية وتطوير العمل الجنائي وورشة التدريب.
بالأمس كنت حضوراً في الورشة، وحقيقة أعجبني جداً الإعداد الجيد والتنظيم الدقيق والأوراق التي من الواضح أنها أعدت بمهنية عالية وبأسلوب علمي استخدمت فيه أداة التحليل الرباعي الاستراتيجي (سوات SWOT Analysis) بشكل دقيق مكننا من التعرف بوضوح على كل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات.
عندما تحدثنا كثيراً عن مستويات التغيير المطلوب في الشرطة قسمناها إلى ثلاثة مستويات (مستوى فكري، مستوى هيكلي، مستوى فني)، لتأتي ورشة الشؤون الإدارية أمس وتضع أصبعها على الجرح، ولا تكتفي بذلك، وإنما قدمت الروشتة والوصفة العلاجية الفعالة التي تخاطب مستويات التغيير الثلاثة. وتناولت الأوراق موضوعات شؤون القوة الواقع والرؤية التطويرية والارتقاء بالعمل الإداري وترقية وتطوير أعمال التخطيط وحوسبة العمل بالشؤون الإدارية. وأثلج صدري من خلال الورقة الأخيرة إطلاعنا على نموذج رقمنة وحوسبة العمل الإداري، الذي بدأ فعلياً وقطع أشواطاً مقدرة، ومن المؤمل أن ينتهي خلال بضعة أشهر.
كان لكلية الشرطة نصيب مقدر من أعمال الأوراق والمناقشات وقدمت توصيات نالت اعتماد وموافقة جميع المشاركين من قادة الشرطة السابقين والضباط العاملين والمتقاعدين، وكان أبرزها هو اعتماد نظام السنتين كنظام أساسي للاستيعاب والتدريب بكلية الشرطة، مع مواءمة الساعات الدراسية لتكون في مستوى الدبلوم ومراجعة وتحديث مناهج التدريب بالكلية. كذلك قدمت الأوراق تحليلاً علمياً مسنوداً بالجداول والإحصائيات التي تكشف بوضوح شديد وجود بعض الاختلالات في تركيبة المورد البشري بالشرطة، فيما يلي عددية ضباط البراءة قياساً بالضباط الصفوفيين والفنيين والمهنيين، وهي مسألة تحتاج إلى إعادة ضبط وحلول ذكية في إطار تحقيق التوازن بين المصلحة العامة للشرطة ومصلحة هؤلاء الضباط، وهناك أفكار عامة وخطوط عريضة لمقترحات في هذا الصدد تحتاج إلى مناقشات ودراسات علمية مستفيضة.
الآن أنا أكثر تفاؤلاً بمستقبل الشرطة نعم الواقع على الأرض لا يزال بعيداً عن الطموح، لكن يمكنني القول وبكل ثقة أن أكثر مؤسسة حكومية جاهزة لاستقبال المرحلة القادمة هي الشرطة، لا سيما وأنه قد أصبح لديها الآن رؤية واضحة جداً للإصلاح الأمني المطلوب. هذه الرؤية تحققت بفضل حسن القيادة التى عمدت لخلق شراكات ذكية بين الضباط العاملين والمتقاعدين عبر اللجان والآليات المشتركة والورش، كما أظهرت هذه القيادة انفتاحاً حقيقياً ورغبة وإرادة للمضي قدماً في هذا المشوار إلى نهاية الشوط متى ما تحقق الاستقرار السياسي.