رأي

رسالة في بريد ورشة الإصلاح الأمني.. بناء الثقة مقدم على ما سواه !!

 

عميد شرطة (م) عمر محمد عثمان

“لكي تكون أجهزة إنفاذ القانون فعالة حقاً يجب أن يحصل رجال الشرطة والوكالات على المساعدة والدعم الفعالين من كل فئة من فئات مجتمعاتنا، ويتطلب إنشاء هذه العلاقات الحاسمة والحفاظ عليها لبناء تفاهم متبادل ومستوى ثقة مع المجتمعات المتنوعة وقتاً وجهداً مستمراً”.

دوايت هيننجر، رئيس قسم شرطة مدينة فيل – ولاية كولورادو الأمريكية.

خلال الأيام القليلة القادمة من المفترض عقد ورشة الإصلاح الأمني، التي طال انتظارها!! وستكون هناك العديد من الأوراق العلمية والمهنية يطرحها الجانبان من العسكريين والمدنيين؛ لكن في تقديري أن أهم ما يجب مناقشته هو مسألة بناء الثقة فهي الأساس والركيزة التي ينبغي أن تقوم عليها عمليات وإجراءات الإصلاح الأمني ودونها لا يمكن المضي قدماً في هذا المشروع.

هذه الورشة نفسها يمكن أن تكون مدخلاً مناسباً لبناء الثقة. “إن أفضل طريقة لبناء الثقة هي من خلال الاستماع إلى الأشخاص الذين نخدمهم، وأفكارهم ومخاوفهم وشكوكهم وهموهم”، وعلى الجانب الآخر يجب أن يصغي المدنيون لصوت الأجهزة الأمنية في ماذا تفكر؟ ما هي تحفظاتها؟ طبيعة عملها وظروفها والتعقيدات التي تكتنف الوضع الأمني؟ ما هي الإمكانيات المتوفرة؟ وما هو الطموح أو الحد الأدنى الذي يعينها على أداء مهامها؟… الخ.

إن بناء الثقة يساعد بشكل إيجابي في بناء علاقات وشراكات استراتيجية بين الأجهزة الأمنية والحكومة المدنية والمجتمع، ويمكن أن يسهم بشكل واضح في تقليل التعقيد والارتياب والشك. وبناء الثقة يوفر قدراً معقولاً من الاحترام المتبادل والإلفة وتبعاً لذلك لا بد من الإشارة إلى أن لبناء الثقة خمس قواعد أساسية هي: التواصل، الوضوح، الصدق، الاعتراف بالأخطاء، الوقت. والوقت يعني أن الثقة لا يمكن بناؤها في يوم واحد ولا تُبنى بقرار؛ لكن الثقة تُبنى بالالتزام بالقواعد الأربع والموضوعية وعدم استعجال النتائج.

واقعنا يحكي عن أزمة ثقة متبادلة؛ لكن طالما أن النوايا والإرادة متجهة نحو عملية سياسية تنهي الوضع القائم برضا الطرفين؛ لذا نصيحتي للطرفين وهما يهمان بدخول هذه الورشة لا بد من الانفتاح على المقترحات والآراء المخالفة والبعد عن الأحكام المسبقة والقطعية، وإحسان الظن في النوايا، ما لم يثبت العكس وبشكل قاطع. وهنا تحضرني مقولة رئيس الوزراء السابق دكتور عبد الله حمدوك: “خلونا نشتغل مع بعض”؛ هذا هو السبيل والمخرج الوحيد الذي يخرجنا من هذا النفق المظلم. كذلك يحضرني تصريحان مختلفان للدكتور حمدوك في طياتهما تلمس الموضوعية التي نبحث عنها، إذ قال في 22 أغسطس 2020م: “توافقنا على البدء في عملية إصلاح الشرطة لتحويلها لمؤسسة لحماية المواطنين وحقوقهم”؛ إلا أنه عاد وصرح في 22 فبراير 2021م عقب زيارته الأولى لوزارة الداخلية وبعض الإدارات الشرطية: “الشرطة تقوم بعمل ضخم غير معروف لرجل الشارع”. بمثل هذا التناول والنظرة الموضوعية يمكن أن نبني الثقة، وبناء الثقة سيقودنا إلى تحقيق إصلاح أمني يجعل أجهزة إنفاذ القانون فعالة حقاً كما قال السيد دوايت هيننجر، رئيس قسم شرطة مدينة فيل – ولاية كولورادو الأمريكية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى