اقتصادتقارير

مزارعون يتركون إنتاجهم يموت في الحقول بسبب تكلفة الإنتاج وضعف القوة الشرائية

رمضان في السودان.. يواجه أسئلة التضخم والانهيار الاقتصادي

انتقال – أحمد ود اشتياق

يأتي رمضان هذا العام والبلاد تمر بتحديات كبيرة، والانقلاب الذي ما زال قائماً يسهم في تعقيد حالة التدهور الاقتصادي، إذ أخرج كثيراً من المنتجين من دائرة الإنتاج .

انعدام القدرة الشرائية – كما يلحظ مراقبون للسوق السوداني – الناتج عن سياسات النظام الاقتصادية، والذي نتج عن حالة التضخم الكبيرة التي تمر بها البلاد منذ منتصف العام ٢٠٢٢م، أثر على الموسم الزراعي الحالي بشكل كبير، وعلى حركة الصادر والوارد والبيع والشراء بشكل عام، كما طال الأمر معظم السلع من الخضر والفاكهة وحتى السيارات  .

ويشير مراقبون إلى أن كثيراً من المزارعين هذا العام أصبحوا في خطر، خاصة بعد انهيار الأسعار وارتفاع تكلفة الإنتاج،  فكثير من المزارعين أصحاب اقترضوا من البنوك وآخرون من أصحاب الأرض والمشاريع كانوا مراهنين على الموسم بشكل كبير. وحسب رؤية الخبراء، فإن هذا الوضع ستكون نتائجه الموسم القادم كارثية بحيث سيكون عدد المعسرين عن السداد القروض كبير جداً، وعدد الذين سيخرجون من دائرة الإنتاج أكبر، إضافة إلى أن هناك قطاعاً كبيراً من المزارعين مهددون بدخول السجون وفقدان أراضيهم .

الأسعار.. انخفاض وثبات

شهد السوق انخفاضاً كبيراً جداً خصوصاً في أسعار الخضروات والفاكهة قبل بداية رمضان، فمتوسط سعر “صفيحة” الطماطم وصل لـ 1500 فقط لا غير، وأيضاً وصل سعر بيع البطاطس 1000 جنيه لكل ثلاثة كيلوجرامات. وبلغ سعر الخيار  والأسود والكوسة 1000 جنيه لكل كيلوجرامين وأحياناً ثلاثة.

هذا الانخفاض عام – بحسب مراقبين – لكن هنالك ثباتاً أيضاً في أسعار بعض السلع والخدمات، حيث ما زال سعر الكيلو العجالي ما بين 2800 إلى 3000  جنيه.

فيما واصل سعر دقيق الذرة من سيقا ثباته، حيث يباع في محلات الإجمالي والبيع المباشر بـ600 جنيه للعبوة و800 في السوبر ماركت ومحلات القطاعي.

أسعار الفاكهة أيضاً طالها انخفاض ملحوظ فبلغ سعر دستة البرتقال  ١٥٠٠ جنيه،  وسعر القريب فروت الدستة ما بين ٢٠٠٠ إلى ٢٥٠٠ جنيه، ويشهد السوق أيضاً انخفاضاً في سعر التفاح فمتوسط سعر الحبة الواحدة منه يبلغ ما بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ جنيه، وانخفضت أسعار الفراولة لتباع علبتها بـ ٥٠٠ جنيه .

المحافظة على رأس المال

(بقينا ما بنتوقف مع زبون)، يقول تاجر الخضر مروان الجامعي في حديثه لـ”انتقال”،  ويضيف: (شغل الخضار دا ورثناهو من أبهاتنا لكن زي الفترة دي ما مرت علينا؛ فترة غريبة شديد ومعقدة، ما فيها بيع، والقروش مافي، بتلف بتلف في الآخر تلقى روحك بالله بتحافظ على رأس مالك وحق الحركة).

ويؤكد مروان أنهم كتجار خضر يعملون بنظرية سماها (ما تخسر)، وهي دلالة على أنهم يبيعون بأي سعر دون البحث عن مكسب كبير لكن للمحافظة على رأس المال، ويضيف: “إذا جئت إلى الأسواق ليلاً ستجد الطماطم والخضر ملقاة وفاسدة” .

ركود عام

خالد الشريف – صاحب بقالة – يقول لـ “انتقال”: (السوق دا والله صراحة ليه فترة ما معروف ماشي وين، الأسعار رخية إلا بيع ماف،  الناس ما عندها كاش أو ما عايزة تشتري، ونحن كمان برضو مضطرين ننزل من الشركات المتعاقدين معاها أو مع زبائن لينا شان ما نفقدهم؛ الحاجة دي اضطرتنا نتعامل بالأجل مع كتير من الشركات ومع الزبون برضو).

“إن كثيراً من الشركات تتعامل بالبيع الآجل، فتسلم الشركة التاجر بضاعتها على أن يدفع بعد شهر أو أسبوع، فالأسعار منخفضة والسلع متوفرة لكن ما من مشترٍ”، يقول الشريف.

الموسم الزراعي

أنس الطيب تاجر ومزارع من تندلتي ويمتلك خبرة كبيرة في مجال بيع الخضروات والزراعة، يقول لـ”انتقال”: “يمر السوق بفترات صعود وهبوط متكررة مبنية على موسم الخضر المعينة أو ازدياد الطلب على سلعة معينة”، ويضيف: “خلال فترات عملي كلها لم أشهد مثل هذا الانخفاض وتوفر السلع بهذا الحجم وتدني الطلب عليها،  وهذا الأمر في المقام الأول خطر على التاجر والمزارع بحيث تصبح البضاعة مهددة بالبوار والتلف ليضطر التاجر لبيعها بأي سعر خوف الخسارة الكاملة، وهذا ما يحدث هذه الأيام في الأسواق” .

ويضيف أنس: “هنالك مشكلة أخرى تواجه المزارعين وهي ارتفاع أسعار معينات الإنتاج والعمالة مقابل انخفاض سعر المنتج نفسه، فمثلاً يبلغ سعر الجوال الفارغ للبصل وتعبئته  ٢٥٠٠ جنيه إلى ٣٠٠٠ آلاف جنيه، وهذه التكلفة غير متضمنة لسعر الترحيل وتكلفة الإنتاج الأولى من سقي المياه وأجور العمال وشراء الأسمدة والمتابعة، ومعلوم أن سعر جوال البصل يبلغ ما بين ٧٠٠٠ إلى ٨٠٠٠ جنيه”.

طماطم متروكة على الأرض

ويشير أنس في حديثه لـ”انتقال”، إلى “أن كثيراً من المزارعين وجدوا تكلفة الترحيل والعمالة أكبر فتركوا محصولهم في الزرع حتى مات،  وأكبر محصول ترك في الأرض كان الطماطم، حيث يبلغ سعر الصفيحة في السوق الكبير ألف جنيه”، ويضيف: “معلوم أن تكلفة حصاد الصفيحة وإيجار الصفيحة الفارغة نفسها للحصاد يكلف ٢٠٠ جنيه، إضافة إلى تكلفة الترحيل، ليجد المزارع أنه يعمل بالخسارة ويضيف من جيبه في حالة الترحيل من مسافات بعيدة، لذا ترك كثير من المنتجين تركوا الزرع في الأرض هذا الموسم” .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى