الخرطوم – انتقال
اختتمت مساء أمس الأربعاء، جلسات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية؛ لكن الختام لم يكن متوقعاً بذات القدر الذي اختتمت به المؤتمرات والورش الأربع السابقة، والتي لم تشهد انسحاباً من أي جهة أو طرف من الأطراف الموقعة، مثلما انسحبت القوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة عن الجلسة الختامية، مما أثر على مسارات العملية السياسية التي وصلت مرحلتها النهائية. ويُنتظر توقيع الاتفاق السياسي النهائي خلال الأيام المقبلة.
إصلاح من الداخل
اتفقت رؤية كل من القوات المسلحة والشرطة خلال الورشة أن يكون الإصلاح ذاتياً من داخلهما، وهو ما لم تتفق معه آراء المشاركين في الورشة والذي بلغ عددهم 300 مشاركاً، وذهبت آراء إلى أن عملية الإصلاح والهيكلة هي مهمة جميع السودانيين الداعمين للانتقال الديمقراطي والتحول المدني، وتم التأمين على ذلك من ممثلي القوات المسلحة والشرطة المتحدثين في الجلسات التي ناقشت هذه الأوراق، وكذلك أهمية إعادة بناء الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية والعسكرية، باعتبارها آليات لتنفيذ القانون وحفظ الأمن وحماية الشعب والدستور، وإحدى مؤسسات الدولة الخدمية.
وأمنت أوراق القوات المسلحة والشرطة والمخابرات والدعم السريع على أهمية تفكيك نظام 30 يونيو 1989م داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية.
قضية الدمج
اشتركت ورقتا القوات المسلحة والدعم السريع في التأمين على قضية الدمج كأولوية، لإنهاء تعدد الجيوش، إضافةً إلى الترتيبات الأمنية التي تشمل قوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان. وتحدث ممثلو القوات المسلحة عن مدة سنتين للدمج تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية المقبلة. أما ورقة الدعم السريع فأكدت أن المدة المناسبة للدمج لا تقل عن 5 سنوات تمتد إلى 10 سنوات.
وتناولت النقاشات أن يكون وزراء الداخلية والدفاع من المدنيين وهو ما لم يتم الاعتراض عليه في الجلسات التي ناقشت الأوراق.
تحول الموقف
لم يكن مرتباً أن يتم تغيير برنامج أعمال ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، فيما يتعلق بقيام مجموعات العمل وتقسيم المشاركين عليها، إذ تم إعلان جدول الأعمال شاملاً مجموعات العمل؛ لكن أطرافاً داخل اللجنة العليا المكونة من العسكريين اتجهت لعدم قيام مجموعات العمل والاكتفاء بالنقاشات التي تمت داخل الجلسات واعتمادها في المحاضر كتوصيات.
ووفقاً لمعلومات تحصلت عليها “انتقال”، فإن هذا التوجه من العسكريين خاصة رئيس اللجنة العليا للعسكريين الفريق ركن عباس الداورتي، كان نتيجة لتحليل توصلوا إليه بأن التوصيات قد لا تمضي في الرؤية التي يعمل عليها بعض قيادات المؤسسة العسكرية تجاه عملية الإصلاح الأمني والعسكري، وموقفهم من الاتفاق الإطاري والعملية السياسية ككل.
موقف موحد
بيان الناطق الرسمي للقوات المسلحة وبيان الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع، أكدا على المضي قدماً في العملية السياسية والاتفاق النهائي وعملية الدمج، بحسب مناقشات اللجان الفنية، ووضع توصيات ومخرجات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري في الاعتبار لتُضمّن في الاتفاق النهائي والدستور الانتقالي، وهو ما تم تناوله في تصريح الناطق الرسمي للعملية السياسية، والذي أشار إلى أن العملية السياسية وصلت آخر محطاتها، وأنهم يدركون حجم تعقيد المهمة الملقاة على عاتق جميع الأطراف لإيجاد حلول لما تبقى من قضايا.
ليس مجرد موقف
يرى مراقبون لصيقون أن موقف القوات المسلحة لم يكن مجرد موقف تم التعبير عنه بعدم حضور قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقادة الأركان والمفتش العام الفريق ركن عباس الداروتي المفتش العام للقوات المسلحة للجلسة الختامية ومعهم مدير عام قوات الشرطة والوزير المكلف لوزارة الداخلية عنان حامد ومدير عام جهاز المخابرات العامة؛ بل إن موقف القوات المسلحة كان القرار متحكماً فيه من قبل المفتش العام للجيش، والذي تم تكليفه برئاسة اللجنة العليا لورشة الإصلاح الأمني والعسكري للأجهزة الأمنية والعسكرية حيث كلفه قائد الجيش برئاسة لجنة عليا تضم قادة الشرطة والدعم والسريع والمخابرات. وعمل ممثلو هذه اللجنة مع سكرتارية العملية السياسية التي تضم ممثلي القوى الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، والتي تم اختيار عدد منهم لتنظيم الورشة مع العسكريين خلافاً للمؤتمرات والورش السابقة عدا مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية الذي شارك في تنظيمه التحالف المدني للعدالة الانتقالية بذات الطريقة التي شارك بها العسكريون في تنظيم ورشة الإصلاح الأمني والعسكري.
الشرطة والإصلاح
الأوراق التي قُدمت من الشرطة والمخابرات العامة في اليوم الثاني أوراق عمل حول إصلاح الشرطة والمخابرات العامة، تمت فيها مناقشات متعددة من قبل المشاركين والمشاركات وتم وضع توصيات من خلال النقاش تهدف إلى دعم الإصلاح الأمني والعسكري والإداري والقانوني، فيما يتعلق بالشرطة والمخابرات، ورقة إصلاح الشرطة قدم فيها أ.إياد الجراح عرضاً افتتاحياً كما قدم اللواء دكتور محمود سليمان ورقة الشرطة حول الإصلاح في ظل نظام ديمقراطي، وقام بالتعقيب كل من الفريق آدم دليل والفريق محمد عبد المجيد الطيب، وكان في إدارة الجلسة فريق أول عادل العاجب.
ورقة إصلاح الشرطة شهدت مناقشات عدة حيث تمحورت حول عدة محاور منها تعزيز واحترام حقوق الإنسان حسب الدستور والالتزام بالمعايير الدولية والاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان والأمم المتحدة والالتزام بمدونة السلوك المهني للشرطة وتنفيذ القانون وحفظ النظام والأمن الداخلي والعلاقة بين الشرطة والنيابة والقضاء والجهاز التنفيذي والتعاون الدولي والإقليمي لمكافحة الجريمة وتحديد مهام واختصاصات وزارة الداخلية وسلطاتها حسب القانون وإصلاح التشريعات والقوانين ومراجعة الحدود مع الدول المجاورة والتعاون الدولي والإقليمي لمكافحة الجريمة.
والالتزام بالقانون الجنائي لسنة 1991م وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م فيما يتعلق بالالتزامات المنصوص عليها واستخدام القوة وخدمة المواطن وأي قانون آخر ساري يرتبط بعملها، إضافة إلى طرح ما يسمى شرطنة وزارة الداخلية بمعنى أن يكون وزير الداخلية من ضباط الشرطة وهم ما تم النقاش حوله من قبل المشاركين والمشاركات بشكل مستفيض عن أن جهاز الشرطة هو جهاز مدني قبل أن يكون ذا طبيعة عسكرية وأمنية معني بتطبيق وتنفيذ القانون. ووجه المشاركون والمشاركات انتقادات كبيرة لأداء الشرطة خلال الفترة الماضية، خاصة ما يخص التعامل مع التظاهرات والمواكب السلمية والانتهاكات تجاه المتظاهرين السلميين، وتحدث لاحقاً في ختام الجلسة مدير عام الشرطة الفريق أول عنان حامد والذي أكد أنه لا مانع لديهم من تولي وزير مدني وزارة الداخلية مع أهمية تحديد صلاحيات واختصاصات الوزير ومدير عام قوات الشرطة وأنهم سيكونون تحت إمرة الحكومة المدنية والجهاز التنفيذي مستقبلاً.
توصيات مهمة
ومن أبرز توصيات جلسة الشرطة من قبل ممثلي الشرطة والمشاركين كانت ضمان الاستقلال الذاتي للشرطة وعدم التدخل السياسي والتدرج في عملية الإصلاح، ومراجعة القوانين وتوضيح الاختصاصات والاهتمام بالعنصر البشري وتغطية الحدود والهيكل التنظيمي وإشراك السلطة في صناعة الدستور والقانون وتقوية الضبط الاجتماعي غير الرسمي لمنع ارتكاب الجريمة وديمومة منصب وزير الداخلية للشرطة وهي النقطة التي تم وضع توصية أخرى مختلفة معها أن يكون وزير الداخلية مدنياً وتعديل التشريعات بما يضمن الحماية القانونية للشرطة لتمكينها من أداء واجباتها ومشروعات تطوير العمل الجنائي.
ورقة المخابرات
ناقش المشاركون والمشاركات أيضاً في الجلسة الرابعة تجارب عمل المخابرات (إصلاح المخابرات العامة)، والتي قدم فيها كريس لوكهام عرضاً افتتاحياً كما قدم اللواء مكي عوض محمدين ورقة رؤية الإصلاح في جهاز الأمن في ظل نظام ديمقراطي، وقام بالتعقيب كل من اللواء مدني الحارث والفريق تاج السر عثمان واتسمت النقاشات بأهمية أن يكون جهاز المخابرات العامة جهازاً يعمل لحفظ الأمن القومي والقيام بالأدوار الاستخباراتية والمخابراتية ومكافحة الإرهاب وألا يكون ذا طبيعة قتالية.
ReplyForward |