انتقال : حسام الدين عبدالوهاب
على مدى أربع سنواتٍ ظلت تحالف قوى الحرية والتغيير هدفاً لحملاتِ مناصري ومنسوبي النظام البائد وواجهاتهِ وحلفائهِ ، حتى أثناء الحراك السلمي المناهض الذي انتهى بإسقاط نظام البشير في 11 أبريل 2019 ، استخدم الإسلاميون وحلفائهم كل أنواع الدعايةِ السياسية والقمع والاعتقالات والعنف تجاه الفاعلين السياسيين ولكن انتصرت الشعب السوداني وإرادة ثورة ديسمبر المجيدة ، حتى محاولات سرقةِ الإسم سياسياً من قبل كتلٍ حاولت العمل تارةً أن تأخذ الإسم لتسويقهِ سياسياً ، وهياكل التحالف تتشكل من المكتب التنفيذي ، واللجان المتخصصة والمجلس المركزي الذي يعد أعلى جهةٍ تشريعية داخل هياكل قوى الحرية والتغيير .
قيادة الثورة والانتقال
وكان الفاعل السياسي وقائداً للحراك السلمي تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير ، والتي يُمثل التجمع جزءً أصيلاً منها ومؤسساً لها ، نجحت قوى الحرية والتغيير في الوصول إلى اتفاقٍ سياسي بعد جولات تفاوضٍ طويلة سعى العسكريون لتعطيلها وصولاً إلى فض الإعتصام في 3 يونيو 2019 ، أنتج التفاوض الوثيقة الدستورية والتي قامت على أساسها الوثيقة الدستورية وتشكلت حكومتان خلال الفترة الانتقالية وقدمت نجاحاتٍ في ملفات تفكيك نظام 30 يونيو واسترداد الأموال العامة وملف العلاقات الخارجية وإعادة السودان إلى المنظومة الدولية ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وملف الإصلاح الاقتصادي وتحسين الخدمات الصحية وقطاعات المياه والكهرباء والتركيز على الإنتاج الزراعي .
حراك 2018
تكونت قوى الحرية والتغيير بشكلٍ رسمي وتم الإعلان عنها كتحالفٍ سياسي قاد المقاومة السلمية والثورة السلمية لإسقاط نظام المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية المخلوعة ، في 1 يناير 2019 ، ولكن السعي لتكوين التحالف والتخلقات الأولى بدأت منذ يناير 2018 والتي شهد فيها السودان مظاهراتٍ سلمية ضد نظام البشير كان رأس الرمح فيها قوى نداء السودان وقوى الاجماع الوطني والتجمع الاتحادي ، نداء السودان كانت تضم أحزاب أبرزها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والجبهة الثورية – الحركات المسلحة – وقوى الاجماع الوطني كانت تضم أحزاباً أبرزها الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل والاتحادي الموحد والوطني الاتحادي بقيادة جلاء الأزهري والحركة الاتحادية ، التجمع الاتحادي كان وقتها يضم ثمانية فصائل اتحادية اندمجت لاحقاً تحت مظلة التجمع الاتحادي بشكلهِ الحالي ، في ذلك الوقت كانت التخلقات النهائية لتجمع المهنيين السودانيين والذي يضم اجساماً مهنية ونقابية أبرزها لجنة الأطباء المركزية وتجمع المهندسين السودانيين والتحالف الديمقراطي للمحامين ، وانقسم لاحقاً في 2020 وخرجت أجسام نقابية وانضمت أجسام نقابية مهنية أخرى.
مسارات الحرية والتغيير
هذه التحالفات السياسية مع بداية الحراك السلمي المناهض لنظام الإسلاميين في ديسمبر 2018 انخرطت في نقاشاتٍ قادها كلٌ من تجمع المهنيين السودانيين والتجمع الاتحادي لتكوين جبهة مدنية موحدة لإسقاط النظام الإسلاموي في السودان ، وتم الإعلان عن ميلاد قوى الحرية والتغيير في 1 يناير 2019 وتولى تجمع المهنيين السودانيين قيادة الحراك السلمي والثوري الجماهيري حتى تم اسقاط نظام البشير في 6-11 أبريل 2019 ، وانضم إلى تحالف قوى الحرية والتغيير مجموعات مدنية تحت اسم تجمع القوى المدنية وهي تضم منظمات مجتمع مدني وحركات مطلبية خرجت لاحقاً من التحالف بمعيةِ الحزب الشيوعي السوداني في نهاية العام 2020 ومطلع 2021 وخرج حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل في أكتوبر – نوفمبر 2022 عقب إجازة قوى الحرية والتغيير للمرحلة النهائية للعملية السياسية والاتفاق السياسي الاطاري ومسودة الدستور الانتقالي لأسبابٍ تخصهم ، خروج هذه الأحزاب والكتلة لم يؤثر على تماسك قوى الحرية والتغيير ولكنه أدى إلى تناقص في صفوف القوى السياسية والمدنية الساعية إلى الديمقراطية والتحول المدني والعمل عبر الحلول والسلمية والتفاوضية لانهاء الانقلاب وحماية البلاد من الحرب الاهلية والتي اشعلها الإسلاميون لاحقاً من داخل القوات المسلحة والشرطة والمخابرات العامة ومليشياتهم مثل (هيئة العمليات كانت سابقاً تتبع جهاز الأمن والمخابرات الوطني و الدفاع الشعبي وكتيبة البنيان المرصوص وكتيبة البراء بن مالك ) وهي تقاتل حالياً مع الجيش وبعلم قياداتهِ ، خروج أحزابٍ مثل الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الاشتراكي من قوى الحرية والتغيير جعلها غير مؤثرة في الساحة السياسية ومساراتِ إيقاف الحرب وتناقص دورها مقابل قوى الحرية والتغيير ، وأصبحت هذه الأحزاب السياسية أقرب للقيام بالتعليق السياسي لا الفعل السياسي وفقاً لمراقبين .
النجاحات والانقلاب
نجحت قوى الحرية والتغيير في قيادة البلاد عقب سقوط نظام الإسلاميين في تحسين الأوضاع الاقتصادي وبناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والإقليم وإعادة السودان إلى المجتمع الدولي بناءً على مصالح السودانيين والشعب ، وتفكيك نظام 30 يونيو 1989 وتشكيل حكومتين لتوسيع قاعدة المشاركة ، لعب الإسلاميون من داخل جهاز الدولة التنفيذي والعسكري على تعطيل مسارات التحول المدني والديمقراطي بخلق الأزمات الاقتصادية مثل ( التهريب – الاتجار بالعملة – الانفلات الأمني – اشعال النزاعات الاهلية في شرق السودان ودارفور ومناطق جبال النوبة والنيل الأزرق ) إضافة إلى ستة محاولاتٍ انقلابية بعلم قياداتِ الجيش وعلى رأسهم قائده الفريق أول عبدالفتاح البرهان وبتنسيقٍ معهم ، ونجحت لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة في احباط هذه المحاولات بتتبع تحركاتِ الإسلاميين وتفكيك تمكينهم داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية والجهاز التنفيذي بنسبةٍ تصل إلى 65% ولكن كان يجدون الحماية من قائدي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وهو ما جعلهم يتفقون على تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 ، وإعادة جميع الممتلكات والأموال والشركات ومنسوبي نظام المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية المخلوعة بالإتفاق مع قيادات الجيش وتخريب الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي لمصلحةِ عودتهم إلى الحكم مجدداً ووقفوهم ضد العملية السياسية والتي اطلقتها قوى الحرية والتغيير عبر رؤيةٍ سياسية تم الإعلان عنها في يناير 2022 تحت اسم ( الرؤية السياسية المفصلة لإنهاء الانقلاب واستعادة المسار الديمقراطي ) وظل الإسلاميون يخرجون في مسيراتٍ تحريضية والتهديد بإشعال الحرب واستهداف قيادات قوى الحرية والتغيير بالإغتيال والتصفية ، وتحريك منسوبيهم داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية لقتل المتظاهرين السلميين وسقط نتيجة ذلك 130 شهيداً من المتظاهرين السلميين منذ 25 أكتوبر 2021 وحتى مارس 2023 وأكثر من 6 ألف مصاب بعضها اعاقات دائمة.
خلافات العسكريين
بدأت الحرية والتغيير جهوداً لإنهاء الانقلاب والحالة الانقلابية وتباينات المواقف والرؤى بين الجيش والدعم السريع والتي أدت إلى الحرب والتي رتب لها الإسلاميون من داخل جهاز الدولة ، وخاضت قوى الحرية والتغيير نقاشاتٍ معلنة وغير معلنة مع العسكريين بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي منذ يناير 2022 حتى لا تقوم الحرب ونجحت من خلال الاتفاق السياسي الإطاري – الموقع في 5 ديسمبر 2022- ومسودة الاتفاق النهائي والدستور الانتقالي في حسم ملفاتِ عبر ورش ومؤتمرات العملية السياسية منها تفكيك نظام 30 يونيو وتجديد عملية التفكيك في جميع أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ، اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام ، ورشة الاستقرار الأمني والسياسي والتنمية المستدامة في شرق السودان ، مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية ، ورشة الإصلاح الأمني والعسكري والتي تم الاتفاق فيها على دمج الدعم السريع وتكوين جيش مهني موحد وقومي ذو عقيدة قتالية وطنية ودمج قوات الحركات المسلحة وانهاء تعدد الجيوش والقوات وهو ما وقف ضده الإسلاميون تماماً لأنه ينهي سيطرتهم على الجيش والدعم السريع والشرطة والمخابرات العامة.
تفكيك نظام الإسلاميين
ظلت مواقف قوى الحرية والتغيير ثابتةً على الدوام تجاه قضايا تفكيك نظام 30 يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة وإزالة تمكينهم داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية والخدمةِ المدنية وسيطرتهم على الموارد الاقتصادية المملوكة للشعب السوداني والتي ظلوا يمولون بها حزبهم ونظامهم ومليشياتهم و الحركات المتطرفة في المحيط الإقليمي والدولي ، وقضايا السلام والعدالة والعدالة الانتقالية والقصاص من مرتكبي الانتهاكات والجرائم الجنائية تجاه السودانيين من الإسلاميين والفساد الذي مارسه الإسلاميون ، وقضيةِ شرق السودان والإصلاح الأمني والعسكري ورفض حدوث أي صدام بين المؤسسة العسكرية ومكوناتها وظلت قوى الحرية والتغيير تعمل منذ 2020 على تقريب وجهات النظر وحل الأزمات والمشاكل والخلافات بين العسكريين ومنع حدوث انقلابات الإسلاميين عبر لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 ، وحذرت قوى الحرية والتغيير منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 من نذر الحرب الأهلية وتحريض الإسلاميين على الحرب وخاطبت قادة القوات المسلحة والدعم السريع ومع بدايةِ 2022 أطلقت قوى الحرية والتغيير مبادئ العملية السياسية المفصلة لإنهاء الانقلاب وبدء حوار سياسي وعمليةٍ سياسية افضت إلى الاتفاق السياسي الإطاري والذي قطعت الحرب الوصول إلى الاتفاق النهائي وتشكيل حكومةٍ مدنية تقود الانتقال الديمقراطي وتشرف على الإصلاح الأمني والعسكري بمعيةِ العسكريين.
التحذيرات من الحرب
وحذرت قوى الحرية والتغيير منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 من نذر الحرب الأهلية وتحريض الإسلاميين على الحرب وخاطبت قادة القوات المسلحة والدعم السريع وبدء حوار سياسي وعمليةٍ سياسية افضت إلى الاتفاق السياسي الإطاري والذي قطعت الحرب الوصول إلى الاتفاق النهائي وتشكيل حكومةٍ مدنية تقود الانتقال الديمقراطي وتشرف على الإصلاح الأمني والعسكري بمعيةِ العسكريين ، وظلت قوى الحرية والتغيير تحذر من الحرب منذ منتصف العام 2021 وحتى قبل ساعاتٍ من اندلاعها وعقدت اجتماعاتٍ قبلها بساعاتٍ فقط وتم الإعلان عن ذلك في لقاءاتٍ صحفية وإعلامية تحدث فيها كلٌ من عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق والرئيس المناوب للجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 محمد الفكي سليمان ورئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل ووزير رئاسة شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف وطه عثمان اسحق عضو مقررية لجنة تفكيك نظام 30 يونيو وعضو تجمع المهنيين ، ظلت قوى الحرية والتغيير على تواصلٍ دائم منذ صبيحة الحرب وحتى الآن بصورةٍ مستمرة مع طرفي النزاع والحرب ، وافضت اتصالاتها الإقليمية والدولية إلى قيام منبر جدة التفاوضي ومبادرات الإيقاد والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي و تحركت وفودها في زياراتٍ إلى عددٍ من العواصم والدول الإفريقية والعربية والأوريية منذ شهر يونيو الماضي ولازالت تجري الاتصالات المستمرة لانهاء الحرب.