تقارير

عودة العام الدراسي… إنصاف للطلاب أم مدخل لتقسيم البلاد؟

لجنة المعلمين السودانيين: قرار عودة العام الدراسي مرفوض ويتماهى مع مصالح أصحاب المدارس الخاصة

الخرطوم – انتقال

أوقفت حرب 15 أبريل قطار التعليم في السودان مثلما أوقفت كل شيء من مصانع ومؤسسات وشركات وشردت نحو 7 مليون مواطن من العاصمة بين نازح في الولايات الأمنة و لاجيء في دول الجوار.

في ظل كل هذه الظروف والتعقيدات صدر قرار من صندوق دعم الطلاب يطالب فيه النازحين القاطنين في بعض المدارس في الولايات والداخليات التابعة للجامعات والتي أصبحت ملجأ لهولاء الفارين من جحيم حرب الخرطوم بإخلائها على الفور تمهيداً لإستئناف العملية التعلمية.

قوبل هذا الطلب وقبله أيضا قرار عودة المدارس في الولايات الآمنة ومطالبة النازحين بإخلاء المدارس بموجة رفض وتذمر واسعة خصوصا في ولايات: “الجزيرة، نهر النيل، والقضارف”. وقد وصل الأمر في ولاية القضارف للاحتكاك المباشر بين قوات الشرطة والنازحين المقيمين بمباني الداخليات والمدارس، واستخدمت الشرطة في تلك الاحتكاكات الغاز المسيل للدموع لفض النازحين وإخلاء تلك المرافق.

تساؤلات حول عودة الدراسة

خبر عودة العام الدراسي للعمل تفاعل معه عموم السودانيون وطرحت حوله الكثير من الأسئلة المرتبطة بمباشرة العام الدراسي وكان أهمها: “كيف ستعود الدراسة في الولايات التي تقع خارج سيطرة الحكومة مثل ولايات دارفور الكبرى وجزء من كردفان وولاية الخرطوم التي تشهد في نزاعاً مسلحاً منذ 7 أشهر وحتى الآن؟” كيف يمكن فتح المدارس ووصول الكتاب المدرسي لهولاء الطلاب في ظل هذه الظروف المميتة؟ هل يمكن فتح المدارس وسط تبادل إطلاق النار؟ ستعود الدراسة وسط حالة السيولة الأمنية في غالبية ولايات البلاد؟
المدارس دور إيواء

تواجه الحكومة تحدياً كبيراً في توفير مساكن ودور أيواء للنازحين القادمين من مناطق النزاع المسلح، خصوصاً ولاية الخرطوم التي نزح منها الملايين نحو الولايات المستقرة، ونسبة لخروجهم من منازلهم بعد أن فقدوا كل مقدراتهم وأموالهم، أجبروا على العيش في المدارس والداخليات في ظروف حرجة وبالغة التعقيد.

ووفق تقرير أعدته لجنة المعلمين السودانين؛ أشار التقرير إلى أن المدارس التي تحولت إلى دور إيواء بولاية الجزيرة فقط ناهزت الـ”501″ مدرسة، وفي ولاية الخرطوم بلغ عدد المدارس التي تحولت لدور إيواء “11” مدرسة. أما في ولاية نهر النيل بلغ عدد المدارس التي استقبلت النازحين ما يفوق الـ”159″ مدرسة استقبلت الفارين من حرب الخرطوم بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

تعتبر الولايات الآمنة القريبة من ولايات الخرطوم الولايات الأكثر استقبالاً للنازحين، وفي عدد المدارس التي فتحتها المبادرات الشعبية وغرف الطوارئ لاستقبال المتضررين من حرب 15 أبريل. ففي ولاية النيل الأبيض توجد الآن نحو 259 مدرسة تعتبر مسكن ودور لنازحي الخرطوم، إضافة لوجود 160 مدرسة تم افتتاحها بالولاية الشمالية لتستقبل أفواج الهاربين من جحيم الحرب.

مخاطر عودة الدراسة على وحدة البلاد

تقول لجنة المعلمين السودانيين إنها مع مبدأ فتح المدارس وعدم تعطيل الدراسة لأي سبب من الأسباب،  لكن يجب أن يكون هذا القرار وفقا لرؤية كلية تستند إلى مبادئ أساسية، بهذه العبارة أفتتح عضو لجنة المعلمين السودانيين الأستاذ بشير نايل حديثه لـ”انتقال” وأضاف: “أولاً يجب أن يكون التعليم شاملاً  لكل التلاميذ والطلاب ولا يصبح “لمن يستطيع إليه سبيلا” حتى لا يطعن في عدالة التعليم  كمبدا أساسي يقوم عليه التعليم في أية دولة، وحتى لا يصبح التعليم مدخلا لتقسيم السودان”، ويتابع “قرار عودة الدراسة بشكله الحالي يقسم السودان إلى أماكن حرب لا يحق لأهلها التعلم وأماكن سلم تفتح فيها المدارس”.

ويقول الأستاذ بشير إن “استئناف الدراسة يجب أن يكون مدخلاً لإيقاف الحرب أو على أقل تقدير يحد منها،  وإبعادها عن مساكن المدنيين بتوفير المساكن الآمنة والمدارس الآمنة ومساراتها بعتبار ذلك واجب يقع على طرفي الصراع”.

إشكاليات قبل استئناف الدراسة

يشير عضو لجة المعلمين السودانيين بشير نايل إلى أن هنالك إشكاليات يجب معالجتها قبل إستئناف الدراسة مثل “صرف مرتبات المعلمين، بإعتبار أن هنالك أعداد كبيرة من المعلمين في ولايات مختلفة لم يتلقوا رواتبهم منذ بداية الحرب وحتى الآن، ويضيف “حتى الذين تلقوا إجورهم لم يتمكنوا من صرف كل رواتبهم وتفاوت مستوى الصرف بين صرف راتب شهر إلى راتب ثلاثة أشهر”.

وأضاف “مشكلة وجود عدد كبير من المدارس في الولايات كدور لإيواء النازحين قضية مهمة يجب أن تتم معالجتها قبل التفكير فيي عودة الدراسة”، ويتابع “حصرنا عدداً كبيراً من المدراس في نحو سبعة ولايات تستغل الآن مساكن للمواطنين الفارين من مناطق القتال،  فهل تملك الدولة القدرة على توفير مساكن بديلة لهم؟ أم لديها القدرة على توفير مدارس بديلة  أم إنه “كلام والسلام!””.

ويمضي بالقول “للأسف عدم قدرة الدولة على توفير الأماكن البديلة للسكن أو الدراسة جعلها تشرع في إخلاء المدارس والداخليات بالقوة الجبرية كما حدث في مدن “القضارف، شندي، وبورتسودان” ليصبح النازحين بين خيارات الإقامة في الشوارع بكل مخاطرها أو العودة إلى منازلهم في أماكن الحرب.

غياب المعينات

تقول لجنة المعلمين السودانيين إن معينات العملية التعليمية من إجلاس وكتاب خاصة كتاب الصف الثالث المتوسط حتى الآن منعدمة تماماً، وإن انعدام تلك المعينات يعني صعوبة بداية عام دراسي مكتمل، إذ من غير الممكن أن تبتدئ عام دراسي وأنت لا تملك أي مقررات لطلاب الصف الثالث المتوسط؟ كما تواجه البلاد موجة نزوح لكثير من المعلمين أو لجوؤهم إلى خارج البلاد، الأمر الذي تعبتره اللجنة تحدياً كبيراً يواجه بداية العام الدراسي.

مصير الشهادة السودانية

وحول مصير امتحانات الشهادة السودانية يقول عضو لجنة المعلمين بشير نايل إن “هذا السؤال لا تجد له وزارة التربية والتعليم حتى الآن إجابة”. علما بأن الشهادة الثانوية لن تجرى في ظل الحرب التي تدور في ولاية الخرطوم وولايات دارفور وبعض ولايات كردفان، وتتأثر بها أطراف بعض الولايات المتاخمة لولايات الحرب. ويتابع “كان يجب على حكومة الأمر الواقع أن تسعى في حل هذه المشكلات أولاً، ومن ثم تتحدث عن فتح المدارس، ولكن أن يوضع هذا القرار بهذا الشكل فهذا دليل على عدم إحاطة مجلس الوزراء بالمشكلات أو أنه يريد أن يفتح المدارس دون النظر للعواقب المترتبة على هذا القرار”.

ويضيف إننا “في لجنة المعلمين السودانيين نرفض قرار عودة العام الدراسي بهذه الطريقة التي صدر بها ونعتبره مدخلا لتقسيم السودان، وفيه محاباة للقادرين على مواصلة التعليم وعدم مراعاة للطيف الواسع من السودانيين الذين لن يستطيعوا أن يعودوا للمدارس.

ويذكر عضو لجنة المعلمين إن القرار “توجد فيه شبهة مجاملة وتواطؤ مع أصحاب المدارس الخاصة، الذين نقلوا نشاطهم إلى الولايات الآمنة أو إلى خارج السودان، وبعضهم يريد فتح المدارس لأسباب تخصه، هذا بدوره سيؤدي إلى تمدد التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي مسنودا بسياسات الدولة  وهذا أمر غير مقبول وسنقاومه حفاظا على مصلحة كل الطلاب بدون استثناء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى