انتقال – محمد عبد الحكم
تلويح خطير، حملته ثنايا تصريح الناطق باسم الخارجية الامريكية ماثيو ميلر، حول خطوات متقدمة للولايات المتحدة بكل الوسائل المتاحة امامها ” باستخدام الأدوات المتاحة لواشنطن لعرقلة قدرة قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية على إطالة هذه الحرب ومحاسبة المسؤولين عن تعميق الصراع أو عرقلة العودة إلى حكومة مدنية” .
حينها كان ميلر أعلن فرض عقوبات على شخصيات من النظام البائد، هم المدير السابق لجهاز الأمن صلاح عبد الله قوش، و الرجل الذي خلفه في ادارة جهاز الامن محمد عطا، اضافة لمدير مكتب الرئيس المخلوه طه عثمان الحسين، لدورهم في زعزعة الاستقرار و صب الزيت على نار النزاع و ” يعرقلون تطلعات الشعب السوداني إلى السلام والحكم المدني الديمقراطي” غير أن إضافة هامة حملها تصريح ميلر كانت في قوله وبوضوح حازم ” ستواصل الولايات المتحدة استخدام الأدوات المتاحة لنا لعرقلة قدرة قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية على إطالة هذه الحرب ومحاسبة المسؤولين عن تعميق الصراع أو عرقلة العودة إلى حكومة مدنية”.
الخطر القادم
مصادر ضليعة في الملف السوداني داخل أروقة البيت الأبيض بدأت الآن اكثر سعياً لخطوات أخرى، بعد أن تعطلت مفاوضات جدة لإنهاء النزاع، وقال ناشط مدني سوداني معروف بأنه و” عقب إتساع نطاق الصراع المدمر في السودان، وتعثُر محادثات جدة، تُفيد المعلومات بأن الإدارة الأمريكية تتجه لتسمية ما يحدث في السودان بـ “الإبادة الجماعية” وإعلان الأطراف المسؤولة عنها، هذه المعلومات “إن تأكدت” فهي بالضرورة تشئ بخطر قادم على البلاد بعد تعثر التفاوض، و عدم تنفيذ طرفا الحرب للإلتزامات التي تعاهدا عليها أمام ميسري العملية التفاوضية، وقبلهم أمام الشعب السوداني الذي يعاني ويلات الحرب موتاً وتهجيراً قسرياً.
و في وقت قال القيادي بالحرية والتغيير ماهر ابو الجوخ في لقاء تلفزيوني امس الاول بان وقف التفاوض و إنهاء بعثة يونيتامس ربما يقود الأمم المتحدة لاستخدام البند السابع في السودان، يؤكد المحلل السياسي سليمان عبد العظيم عمر في حديثه لـ”انتقال” أن الخطوات اللاحقة التي أشار اليها حديث ميلر، قد تمضي في اتجاه تدخل عسكري إما بقرار أممي تحت الفصل السابع، او حال لم يمر هذا الطرح داخل اروقة الأمم المتحدة نظراً لموقف موسكو وبكين المعارض دوماً لإطروحات الغرب، فإن الولايات المتحدة ربما تحشد بعض الحلفاء لتدخل عسكري تحت قيادتها، خاصة إن صنفت ما يحدث في السودان “إبادة جماعية” بواسطة طرفا النزاع.
وكان الكاتب الصحفي محمد لطفي حذر في تسجيل صوتي عقب خطاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أشهر، من أن حديث البرهان حول تهديد للسلم والأمن الدوليين في السودان، يماثل رسالة دعوة للأمم المتحدة للتدخل عسكرياً حفظاً للسلم والأمن الدوليين.
ضربة موجعة
و أعتبر عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بقوى الحرية والتغيير، محمد الفكي سليمان، في مقابلة مع راديو دبنقا “الاثنين” أن انهيار المفاوضات كان ضربة موجعة لأحلام ملايين السودانيين الذين ينتظرون وقف إطلاق النار للعودة إلى منازلهم وبدء حياتهم من الصفر.
وقال الفكي أن ما حدث في جدة أمر مؤسف جدا والمطلوب منا جميعا كفاعليين سياسيين ومدنيين وأصحاب مصلحة حقيقية في السلام هو الضغط على الطرفين بكافة الوسائل المتاحة للعودة إلى التفاوض.مؤكداً أن الحرب ستنتهي على مائدة التفاوض وأنه كلما تأخر الوقت على ذلك كلما زادت الخسائر في صفوف المدنيين وفي معاشهم ولكن أيضا في صفوف العسكريين من الطرفين وفي تدمير المنظومة الأمنية.
إبتزاز عناصر النظام البائد
من جهته قطع القيادي بالحرية و التغيير طه عثمان اسحق أن إيقاف الحرب ليس بالأمر الصعب ولكنه يحتاج لقرارات شجاعة من كل الأطراف. و اضاف في تدوينة على فيسبوك ” ليس من الصعب الوصول لوقف الحرب والاتفاق بين القوات المسلحة والدعم السريع والقوى المدنية الديمقراطية الرافضة للحرب على تأسيس جيش مهني قومي واحد يخضع لسلطة مدنية ديمقراطية كاملة”.
و زاد قائلاً ” في الأيام الماضية وعقب ان استبشر الناس خيراً بقرب التوصل لاتفاق وقف عدائيات في جدة يفتح الباب أمام حل سلمي، فوجيء ملايين السودانيين بخطابات قائد الجيش ومساعده التي استجابت لابتزاز عناصر النظام السابق الذين قاموا بالتجييش ضد منبر جدة وضد الحل السياسي السلمي”.
كارثة مستمرة
بدوره قطع القيادي بقوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف بأن تعليق التفاوض يعني تصاعد العمليات العسكرية مرة أخرى، وسقوط مزيد من الضحايا واستمرار الكارثة التي يعيشها ملايين اللاجئين والنازحين.
وكتب عمر تدوينة على صفحته بالفيسبوك ” هذه المأساة يتحملها من يعيقون الوصول لحل سلمي وهم من يتحملون كل قطرة دم تسكب. لا مخرج من هذه الكارثة إلا بالحلول السلمية التفاوضية، وكلما تطاول زمن الحرب كلما فقدنا أكثر وتعقد الواقع بصورة أكبر”.
مشدداً على تعلق قلوب وعقول غالب أهل السودان بتطورات جدة عدا القلة من دعاة الحرب ” يؤكد أن السلام هو الأولوية القصوى وإن الأجندة الحربية لا تمثل إلا القلة من عناصر النظام السابق التي ظلت تهدد بالحرب قبل اندلاعها، وتواصل الآن وضع المتاريس أمام أي جهود للحل السلمي”.