تقارير

إصرار الجيش على تنفيذ “اتفاق جدة”.. “كلمة حق” أم تبرير لإدمان الغياب؟

عواصم- وكالات 

ظل القائد العام للجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يصر ويردد دائما بأنه لن يدخل في مباحثات سلام مع قوات الدعم السريع إلا بعد تنفيذ اتفاق جدة، وأبدى الجيش السوداني جدية في هذا الأمر، وذلك عندما قاطع فعليا مباحثات مع قوات الدعم السريع ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تستضيفها مدينة جنيف السويسرية هذه الأيام.في ١١ مايو من العام الماضي، وبعد مرور شهر من اندلاع الحرب، توصل الجيش وقوات الدعم السريع إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وذلك بعد وساطة سعودية – أمريكية مشتركة في مدينة جدة السعودية، والتي عرفت إعلاميا باسم إعلان جدة.

والاتفاق هو في جوهره اتفاق مبادئ التزم فيها الطرفان بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وتم التوقيع على هدنة، لكن لم يُلتَزم بها آنذاك وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بخرقها.

وفي يوم ١٤ من ذات الشهر، عُقدت جولة ثانية من المفاوضات بين الطرفين بمشاركة ميسرين جدد وهي منظمة الإيغاد، ولم تستمر لفترة طويلة بعد انسحاب وفد الجيش، موجهة اتهامات لقوات الدعم السريع بعدم الخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية.

و تتهم قوات الدعم السريع هي الأخرى الجيش بالنكوص عن تنفيذ اجراءات بناء الثقة الموقعة في جدة، و أبرزها اعتقال قادة النظام المخلوع الذين هربوا من السجون وغادر بعضهم البلاد “برعاية و اشراف الجيش” -حسب اتهامات الدعم السريع.

كما تدمغه أيضا باستهداف أعيان مدنية بالقصف الجوي، وتدمير البنية التحتية للبلاد، و استخدام الطيران لمنع ادخال اي مساعدات انسانية لمناطق أعلنت فيها المجاعة، خاصة في اقليم دارفور.

وعلقت الوساطة المفاوضات، بعد أن أعربت عن أسفها لعدم تمكن الطرفين من الوصول إلى اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار خلال هذه الجولة، مؤكدين على “أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع”.

ولكن المفاوضات استؤنفت في ٢٥ أكتوبر لمناقشة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة بين الطرفين.

وأشير إلى الطرفين في الاتفاق بالقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وليس الحكومة السودانية.

منازل المواطنين

السؤال البديهي هو عن تمسك الحكومة السودانية بهذه الاتفاقية التي تلزم الطرفين – الجيش وقوات الدعم السريع – بتنفيذ بنودها بشكل متوازٍ.

وفي هذا الصدد، يقول وزير الخارجية في سلطة الأمر الواقع حسين عوض إن الاتفاقية تلزم قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية.

وأوضح عوض في تصريح لبي بي سي أن “أي مفاوضات يجب أن تكون حول تنفيذ اتفاقية جدة وإلزام قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية وعدم مناقشة أي بند آخر”.

وشدد الوزير  على ضرورة الاعتراف بالحكومة السودانية وإبعاد الإمارات العربية المتحدة ومنظمة إيغاد عن طاولة مفاوضات جنيف، “وفي حال قبول واشنطن بهذه الشروط، فإن الحكومة السودانية يمكنها المشاركة في مفاوضات في أي منبر آخر”.

التبضع في المبادرات

ويرى الكاتب الصحفي محمد لطيف أن إصرار الجيش على تنفيذ مخرجات اتفاقية جدة هي كلمة حق يراد بها باطل.

وقال لطيف إن الاتفاق كان مجرد تفاهمات غير مكتملة، ويحتاج للمزيد من النقاش والمشاورات، مشيرا إلى أن الحكومة السودانية تحاول المراوغة وكسب الوقت فيما وصفه بـ ” التبضع في المبادرات”.

ويتساءل لطيف: لماذا شارك الجيش في مفاوضات المنامة مع الدعم السريع إذا كان مُصراً فقط على منبر جدة؟ “الجيش شارك في مباحثات المنامة، والآن يقول إنه سيشارك في مباحثات في القاهرة. كما أنه دُعي من قبل الوسطاء أكثر من مرة لاستئناف المفاوضات في جدة ذاتها، ولكنه رفض الذهاب مع أن قوات الدعم السريع وافقت على ذلك،” حسبما يقول لطيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى