رأي

“500” يوم على حرب السودان

د. سامر عوض حسين

مرّت 500 يوم منذ اندلاع الحرب في السودان، حربًا بلا أفق تسببت في تدمير البنية التحتية، وتشريد الملايين من المواطنين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق. هذا الصراع الذي بدأ كمواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، سرعان ما تحول إلى حرب شاملة ذات تداعيات كارثية على الصعيدين المحلي والإقليمي. كان السودان يأمل في مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية، إلا أن التوترات السياسية والعسكرية سرعان ما أجهضت هذه الآمال. تصاعدت الخلافات بين القوى السياسية والعسكرية، وبدأت بوادر الصراع تظهر على السطح.
منذ اندلاع الحرب، شهد السودان تدهورًا مريعًا في جميع مناحي الحياة. المدن التي كانت تعج بالحياة تحولت إلى ساحات معارك، ودُمرت العديد من الأحياء السكنية والبنية التحتية الأساسية. ارتفعت أعداد القتلى والمصابين بشكل كبير، وتشير التقديرات إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين من المواطنين داخليًا وخارجيًا. القطاع الصحي في السودان كان من بين الأكثر تضررًا، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للقصف، وأصبح الحصول على الرعاية الصحية أمرًا شبه مستحيل بالنسبة للكثيرين. نقص الأدوية والمعدات الطبية جعل من الصعب على الأطباء تقديم العلاج للمصابين والمرضى، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية.
على الصعيد الاقتصادي، تسببت الحرب في انهيار الاقتصاد السوداني بشكل كبير. توقفت الأنشطة الاقتصادية في العديد من المناطق، وتعرضت الزراعة التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل في البلاد لأضرار جسيمة بسبب القتال، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية وزيادة معدلات الفقر والجوع. كما أن الأزمة الإنسانية في السودان هي من بين أسوأ الأزمات في العالم حاليًا.
على الرغم من الجهود الدولية والمحلية الرامية إلى إنهاء الصراع، إلا أن جميع محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية باءت بالفشل حتى الآن. ما جعل من الصعب التوصل إلى حل سياسي ينهي هذا الصراع المدمر.
مرور 500 يوم على حرب السودان يسلط الضوء على حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوداني. حرب بلا أفق، قضت على الأخضر واليابس، وتركت البلاد في حالة من الدمار والفوضى. إن التوصل إلى حل لهذه الأزمة يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لإيجاد تسوية سياسية تضمن الاستقرار والسلام للشعب السوداني، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البناء والتعافي.

 

#intigal #انتقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى