حسام بدوي
قال تقرير صادر عن مؤسسة بحثية بريطانية نشرته صحيفة “أفق جديد” أمس، إن أكثر من 61 ألف مواطن سوداني قتلوا في ولاية الخرطوم خلال أول 14 شهرًا من الحرب في البلاد مع وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي أعلى بكثير مما سجل.
وشملت التقديرات سقوط نحو 26 ألف قتيل بجروح خطرة أصيبوا بها بسبب العنف وهو رقم أعلى من الذي تذكره الأمم المتحدة حاليا للحصيلة في البلاد بأكملها.
التقرير أيضاً أشار إلى أن الجوع والمرض أصبح من الأسباب الرئيسية للوفيات.
الأمم المتحدة تقول إن الصراع دفع 11 مليون للفرار من منازلهم وتسبب في أكبر أزمة جوع في العالم. ويحتاج نحو 25 مليون نسمة، أي نصف سكان السودان تقريبًا، إلى المساعدات. في وقت تنتشر فيه المجاعة في مخيم واحد للنازحين على الأقل.
الآن يتجه السودان إلى موجه عن جديده من العنف عقب إجهاض الفيتو الروسي لآخر بارقة أمل لوقف القتال في البلاد.
إن الإنتهاكات التي يرتكبها طرفا الحرب “القوات المسلحة والدعم السريع” لن ولم تتوقف مع فشل المساعي الدولية لوقف الإقتتال وعدم توافر الرغبة بإنها الحرب، والذي اتضح جلياً في تصريحات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنه لن يوقف إطلاق النار، ودعاوي قوات الدعم السريع التي بدأت تلوح في الأفق بإنشاء حكومة في المناطق التي تسيطر عليها.
المعسكر الداعي للحرب وإستمرارها يعمل بكل جهد على تضليل الرأي العام عند الحديث عن الانتهاكات التي يرتكبها طرفي الصراع، والتي راح ضحيتها آلاف الأرواح البريئة التي ذكرها التقرير. بل أيضاً يعملون بكل جهد على تجريم وتخوين كل من يتحدث عن الانتهاكات ويدعو لوقفها؛ هم يوهمون الجميع بأن من يرتكب تلك الإنتهاكات هو الدعم السريع فقط، ومن يذكر أي إنتهاكات غيرها يجرم ويخون.
نحن نرفض الحرب جملة وتفصيلا، وندين الانتهاكات التي يرتكبها الطرفان دون مواربة، ذلك الرفض وتلك الإدانة لا تقلل من مواقف الداعين لإنها الحرب الوطنية ولا تقدح في إنتمائهم لبلادهم وصدق نواياهم.
إن الأرقام المذكورة أعلاه تدفع كل مشفق على السودان لتجديد الدعوة لإنهاء الحرب ومحاصرتها بإدانة الانتهاكات التي يرتكبها الطرفان، والسعي المستمر لكشف الغطاء الخادع والمؤجج للصراع تحت دواعي كرامة ووطنية زائفة وغير حقيقية. أرقام الضحايا المتزايدة تدفع كل القوى المدنية على التمسك بموقفها والتشديد عليه حتى نتمكن من وقف الحرب التي وصفها طرفاها بأنها حرب عبثية.