حسام بدوي
تمر علينا ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة التي مثلت علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث، عندما انتفض الشعب السوداني ضد الظلم والاستبداد مطالبًا بالحرية والسلام والعدالة. كانت تلك الثورة تعبيرًا نقيًا عن إرادة شعب عانى لعقود من القهر والفساد، وأعادت الأمل في بناء سودان ديمقراطي يحترم حقوق الجميع دون تمييز.
قامت ثورة ديسمبر لتحقيق أهداف نبيلة، في مقدمتها:إرساء العدالة الاجتماعية وبناء دولة القانون، نقل السلطة إلى المدنيين، ورفض أي حكم عسكري يعيد السودان إلى عهود الظلم والتسلط، تحقيق الوحدة الوطنية، ونبذ أي خطاب يعمق الانقسامات العرقية أو الجهوية، إيقاف الحروب وتحقيق السلام المستدام، من خلال معالجة جذور الأزمات وتلبية تطلعات جميع السودانيين.
في هذه اللحظة التاريخية الحرجة التي يمر بها البلاد، تزداد الحاجة إلى التمسك بوحدة الصف الوطني، والابتعاد عن التشرذم الذي يهدد مستقبل البلاد. الحرب الدائرة حاليًا لا تجلب سوى المزيد من الدمار والمعاناة لشعب أنهكته الأزمات.
إن وقف الحرب فورًا والجلوس إلى طاولة الحوار هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد وإعادة الأمل لشبابها في وطن يسوده السلام والاستقرار.
أحد أبرز أهداف الثورة التي لم تتحقق بعد هو نقل السلطة إلى المدنيين، وإقامة نظام ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب. إن استعادة الحكم المدني ليست خيارًا، بل ضرورة لتحقيق العدالة والمحاسبة، وضمان أن السودان يسير نحو مستقبل ديمقراطي مستدام.
من أهم دروس ثورة ديسمبر أنها كانت ثورة لجميع السودانيين، دون تمييز عرقي أو جهوي. لذلك، ينبغي اليوم أكثر من أي وقت مضى نبذ الخطاب العنصري الذي يفرق ولا يجمع، والعمل على تعزيز قيم التسامح والمواطنة.
كذلك، يجب رفض استهداف القيادات السياسية؛ فبناء دولة المؤسسات يتطلب حماية الحقوق وحفظ الكرامة لكل من ساهم في النضال من أجل السودان.
ذكرى ثورة ديسمبر ليست مجرد احتفاء بتاريخ، بل دعوة لإعادة تقييم المسار وتحقيق ما خرج السودانيون من أجله. يتطلب ذلك التزامًا جماعيًا بوحدة السودان وكرامة مواطنيه، ونضالًا مستمرًا حتى تتحقق الحرية والسلام والعدالة. السودان يحتاج إلى كل أبنائه. فلنكن على قدر هذه اللحظة التاريخية، ولنواصل العمل معًا من أجل وطن يسع الجميع.