Uncategorized

لست مهزوماً ما دمت تقاوم

حسام الدين حيدر

الثورة كفعلٍ مستمر تقوم على التفكير الواقعي والعقلاني وليس تجاوز معطيات الواقع ، الثورة تقوم على تحديد الأهداف والعمل عليها واستنتاج التحولات الحاصلة بشكلٍ مستمر ومتواصل ووضعها في سياق تحليلٍ مبني على مواضع الاختلاف والاتفاق .
آليات الثورة وخيارات السير فيها ليست محصورةً على خيارٍ معين ، فلكل سياقٍ أدواته ولكل مرحلةٍ طرقٌ للتعامل معها وقراءة مجرياتها .
كان مهدي عامل في قراءتهِ لواقع بلده ” لبنان ” يضع خيارين إما دولة مركزية طائفية أو دولة لا مركزية طائفة ” وطنية ديمقراطية ” ، بناء على هذه الخيارات واسقاطها على النموذج السوداني اتخذت قوى الحرية والتغيير والقوى المدنية والسياسية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري ، ولاحقاً الجبهة المدنية لإيقاف الحرب و ” تقدم ” وبالضرورة ليست هي تحالفٌ واحد وإنما تحالفاتٌ تشكلت حسب ضروراتِ المراحل المختلفة ولكلٍ شخصيتها الاعتبارية المختلفة ، الخيار الذي عملت عليه هو دولة مدنية ديمقراطية وحديثة ، وبالتالي هي ترفض خيار دولة الاستبداد والظلم والفساد والذي ثارت ضده وثار الشعب ضده ليس في ديسمبر 2018 كتأريخٍ تأسس عليه سقوط نظام الحركة الإسلامية المخلوعة والمؤتمر الوطني المحلول ، وإنما كنضالٍ مستمر منذ يونيو 1989 مروراً بتجربة التجمع الوطني الديمقراطية والذي رفع خياراتٍ للنضال بُنيت على الكفاح المسلح والثورة الشعبية المدعومة بالسلاح والثورة الشعبية بالأدوات المدنية .
في كل مرحلةٍ تغيرت الأدوات ولكن الهدف كان واضح ومُعبر عنه بوضوح حتى قيام هذه الحرب المدمرة لوحدة السودان وشعبه ومستقبله ، وبالتالي فإن هذه المرحلة الدقيقة من تأريخ السودان الذي يسعى الإسلاميون وحلفائهم ومليشياتهم المتطرفة والإرهابية يتطلب تماماً أن تقرأ خياراتٌ وأدوات من الساعين إلى الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة إلى مناقشة الخيارات بعقل مفتوح وذهن متقد ، هؤلاء الإسلاميون أوضحوا أهدافهم وغاياتهم بصورةٍ واضحة ومباشرة ، إنهم يستهدفون تقسيم السودان والسودانيين والإستفادة من الغبن الناتج عن الحرب التي اشعلوها لإستمرارها وسكب مزيدٍ من النار والزيت عليها لأنها تحقق مكاسبهم حتى لو جلسوا في قريةٍ صغيرةٍ في أي مكانٍ في السودان ليحكموا هذه البلاد .
الثورة فعلٌ يستهدف الحفاظ على الحياة والحقوق وكرامة الإنسان لا العكس ، انتجت هذه الحرب انتهاكات جسمية وفادحة وظلم عظيم للسودانيين ، وبالتالي لابد من استمرار الثورة حقيقةً وفعلاً لإيقاف نزيف الدم والنزوح واللجوء ولكن من يقف ضد كل ذلك ؟ إنهم الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني المحلول وقفوا ضد كل خطوةٍ لإنهاء الحرب بالتفاوض والحلول السلمية والسياسية ، جرموا الداعين لإيقاف الحرب تتبعهم قطعان الغوغاء والرعاع والأغبياء والنطيحة والمتردية والمتساقطين عن أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي ، الذين تحركهم غبائن الفشل السياسي والشخصي وعدم القدرة على اتخاذ المواقف الصحيحة وتحمل نتائجها ودفع أثمانها الباهظة .
كما قال مهدي عامل : لست مهزوماً ما دمت تقاوم ، وماهي المقاومة غير الوقوف ضد الظلم والقهر والفساد والإستبداد والتفكير بواقعيةٍ واتباع أساس فلسفة الواقع وقراءة معطياتهِ بتجردٍ وصرامة وتحديد الأهداف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى