رأي

جرائم العسكريين بحق المدنيين… مشهد متكرر في حرب السودان العبثية

الجنائية الدولية تعتزم إصدار مذكرات اعتقال في حق قادة عسكريين

حسام بدوي

تتواصل معاناة المدنيين السودانيين مع استمرار الحرب العبثية التي أضحت ساحة لارتكاب الجرائم المروعة والانتهاكات الجسيمة، لا سيما في إقليم غرب دارفور الذي يعاني من موجة عنف شديدة منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والقوات شبه العسكرية منذ نحو 19 شهرًا.

وفي تطور جديد يسلط الضوء على حجم هذه الجرائم، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، يوم الاثنين، أن مكتبه يسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق المتورطين في الفظائع التي شهدها الإقليم.

وأوضح خان أمام مجلس الأمن الدولي أن الجرائم التي ترتكب في دارفور مثل القتل على أساس الهوية والعرق والإغتصاب وحرق القرى تُنفذ يوميًا وتُستخدم كسلاح حرب لإرهاب المدنيين وزرع الرعب في نفوسهم.

وأكد المدعي العام أن هذا الاستنتاج جاء بعد “تحليل دقيق” للأدلة والمعلومات التي جمعها مكتبه، والتي تكشف عن طبيعة هذه الجرائم التي تحمل طابع التطهير العرقي ضد المدنيين العزل.

وأشار إلى أن مكتب المحكمة الجنائية الدولية يواصل عمله على الأرض لجمع المزيد من الأدلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات البشعة.

إقليم دارفور الذي يعاني من إرث طويل من الصراعات، يشهد بإستمرار موجات من العنف مع اشتداد القتال مأدى إلى تهجير آلاف المدنيين وتدمير القرى، بالإضافة إلى انتشار الجرائم المروعة التي تتخذ شكل استهداف جماعي منظم.

المأساة في دارفور ليست بجديدة، فقد عانى الإقليم منذ سنوات طويلة من النزاعات المسلحة التي أودت بحياة مئات الآلاف ودفعت الملايين إلى اللجوء والنزوح. ورغم الجهود الدولية للحد من هذه المعاناة، لا تزال الجرائم تُرتكب وسط عجز المجتمع الدولي عن إيقاف دوامة العنف المستمرة.

يشكل إعلان المحكمة الجنائية الدولية خطوة جديدة في مسار العدالة الدولية، حيث تسعى المحكمة إلى وضع حد للإفلات من العقاب في دارفور. ورغم العقبات التي قد تعترض طريقها، فإن إصدار مذكرات الاعتقال بحق المتورطين قد يبعث برسالة قوية بأن العدالة الدولية لن تتغاضى عن الجرائم ضد الإنسانية.

لكن وعلى الصعيد الثاني على المجتمع الدولي إعادة التذكير والمطالبة بتسليم المطلوبين للعدالة الدولية من قادة النظام البائد، خاصة بعد التصريح الذي أدلى به مندوب السودان لدي الأمم المتحدة حارث إدريس، الإثنين، والذي قال فيه إن “السودان لا يستطيع الاستجابة لطلب تسليم مطلوبي الجنائية الدولية لأن قوات الدعم السريع دمرت الأدلة الموجودة بوزارة الداخلية ولجنة الأمن.

تصريح الحارث المثير للاستغراب والذي أثار موجه استهجان وانتقادات حادة في الأوساط السودانية يؤكد سيطرة قادة النظام البائد على مفاصل السلطة في حكومة بورتسودان؛ مندوب حكومة الأمر الواقع يعلم جيداً أن كل الأدلة موجودة داخل أضابير مكاتب التحري التابعة للمحكمة الجنائية.

تصريح الحارث وصعوبة تطبيق مذكرات التسليم في حق القادة العسكريين يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية لمضاعفة الجهود لحماية المدنيين ووضع حد لهذه الحرب وإفلات المتورطين في تلك الجرائم من العقاب.

إن استمرار الجرائم في السودان وغياب الحلول السياسية يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية التي يشهدها السودانيون ويتطلب من الجميع “قوى سياسية مدنية، وطرفي الصراع، والمجتمع دولي” للاستجابة العاجلة والشاملة لإنقاذ حياة الأبرياء وضمان تحقيق العدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى