عمر محمد عثمان
لا حديث هذه الأيام سوى ازدياد نسبة الجريمة كمياً ونوعياً، إذ طفت على السطح ظواهر إجرامية خطيرة أصبحت تُشكّل تهديداً كبيراً للأرواح والأموال، مثل جرائم خطف الحقائب والموبايلات (تسعة طويلة)، أو جرائم النهب والسطو المنزلي المسلح. وأغلب المتحدثين يصبون جام غضبهم على الشرطة ويتهمونها بالتقاعس والتراخي والفشل في مجابهة هذه الظاهرة. الشرطة لديها دفوع تبدو منطقية في كثيرٍ من الأحيان لا سيما في ظل التمدد الجغرافي الأفقي الكبير في مقابل نقص في الموارد البشرية والمادية لدى الشرطة.
الحديث عن مواجهة الجريمة، لا بد أن يدفعنا للقول بأن مواجهة الجريمة، لا تتم عبر الشرطة فحسب، وإنما هناك نوع آخر من المواجهة لا يقل أهمية عن دور الشرطة، ألا وهو المواجهة التشريعية عبر القوانين، والمواجهة القضائية عبر الأحكام القضائية الرادعة. في القانون الجنائي لسنة 1991م تقلص عدد المواد إلى (185) مادة فقط، أي إلى أقل من نصف ما كانت عليه في آخر قانون للعقوبات 1983م، بالتالي واقع الحال يقول إننا فقدنا كثيراً من المواد التي كان من شأنها المساهمة في مجابهة الوضع الإجرامي الذي نمرّ به الآن.
القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية هما خط الدفاع الأول في مواجهة الجريمة، ودون قوانين مواكبة وذات فاعلية ستظل قدرات الشرطة ناقصة في مواجهة زيادة نسبة الجريمة نوعاً وكماً. وترتيباً على ذلك، أعتقد أننا الآن نحتاج وبصورة عاجلة لمراجعة شاملة لهذين القانونين وبأعجل ما يكون متى ما استعدنا الحكم المدني وأصبح لدينا مؤسسة تشريعية.