الخرطوم – انتقال – وكالات
يوماً بعد آخر، يتزايد الزخم والتأييد لمشروع دستور خاصة بالفترة الانتقالية، اقترحته لجنة تسيير نقابة المحامين، في ظل أزمة سياسية محتدمة، أكملت عامها الأول عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021م. وبجانب دعم دولي للمشروع، اعتبرت قوى سياسية مؤثرة، أبرزها قوى “إعلان الحرية والتغيير”، أنه يمثل مخرجا يمكن أن يُعتمد عليه لإنهاء الوضع الراهن.
وفي 24 أكتوبر، أكدت دول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، أهمية “مشروع الدستور الانتقالي للعام 2022″، عبر بيان بمناسبة مرور عام على الانقلاب. هذا الدعم الدولي للمشروع عبَّر عنه بيان مشترك لفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي.
وأعربت تلك الدول عن اعتقادها بأن “مبادرة نقابة المحامين السودانيين تمثل إطارا ذا مصداقية وشمولية لقيادة المفاوضات”.
وحظيت هذه المبادرة بـ”أوسع دعم من أي مبادرة (أخرى) حتى الآن، وما تزال مفتوحة للأطراف الأخرى لإجراء تعديلات لمعالجة مخاوفهم المُلحّة”، وفق البيان.
موافقة العسكريين
وعلى الرغم من عدم صدور رأي قاطع من المكون العسكري بالسلطة، وعلى رأسه البرهان رئيس مجلس السيادة الانقلابي، إلا أن ترحيب نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو حميدتي بالمشروع يفيد بإمكانية موافقة المكون العسكري عليه، بحسب مراقبين.
وفي 12 سبتمبر الماضي رحب حميدتي بمشروع الدستور الانتقالي، ودعا جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل عاجل في حوار شامل للخروج من الأزمة السياسية. وأعرب حميدتي، في بيان لمجلس السيادة، عن أمله في أن يكون مشروع الدستور “نافذة أمل لبناء الثقة بين جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق شامل لحل الأزمة”.
وفي 10 سبتمبر الماضي، سلمت لجنة تسيير نقابة المحامين مشروع الدستور الانتقالي إلى الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية (إيغاد). ورحبت الآلية الثلاثية، عبر بيان، بـ”الجهود المستمرة التي تبذلها اللجنة لضمان مشاركة مجموعة واسعة من القوى والأحزاب السياسية المدنية حول الترتيبات الدستورية الانتقالية التي تدعم التحول الديمقراطي”.
وبعدها بيومين، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة دعمها لمقترح مشروع الدستور الانتقالي لإنهاء الأزمة السياسية.
مشروع الدستور
و”مشروع الدستور الانتقالي للعام 2022م”، يتضمن “طبيعة الدولة وسيادة الدستور وحكم القانون ووثيقة الحقوق والحريات الأساسية ومهام الفترة الانتقالية ونظام الحكم الفيدرالي وهياكل السلطة الانتقالية وتكوينها”؛ وينص على إلغاء الوثيقة الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية لعام 2019م، وإلغاء كل القرارات التي صدرت في أو بعد 25 أكتوبر 2021م.
وفي أغسطس 2019م، وقّع المجلس العسكري (المحلول) بقيادة البرهان وقوى “إعلان الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم) وثيقة دستورية تشمل وثيقتي “الإعلان الدستوري” و”الإعلان السياسي” بشأن هياكل وتقاسم السلطة في الفترة الانتقالية.
ويتضمن مشروع الدستور مهام الفترة الانتقالية في تعزيز التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الفترة الانتقالية، وتفكيك وتصفية بنية نظام 30 يونيو 1989 (نظام الرئيس المعزول عمر البشير)، وإزالة التمكين وإلغاء قوانينه، واسترداد الأصول والأموال وفقاً لما ينظمه القانون.
كما ينص على أن يتكون مجلس السيادة من أعضاء مدنيين مناصفةً بين الجنسين، تختارهم وتُعيّنهم القوى الموقعة على الإعلان السياسي الذي يصدر بموجبه الدستور، وتكون رئاسته دورية بين الأعضاء.
وتشمل اختصاصات مجلس السيادة اعتماد تعيين رئيس الوزراء ورئيس القضاء ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، عدا إعلان حالة الطوارئ فيكون بطلب من رئيس الوزراء وإعلان الحرب بعد مصادقة البرلمان.
وينص أيضاً على تعيين رئيس الوزراء بواسطة قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي المشترك.
المخرج الوحيد
يقول القيادي بالمؤتمر الشعبي والخبير القانوني، كمال عمر عبد السلام، إن “مشروع الدستور يحتوي على نصوص في غاية الأهمية والجودة في أنها أنهت الشراكة بين المدنيين والعسكريين وطرحت مشروع سلطة مدنية للمدنيين فقط من مجالس سيادة ووزراء وتشريع، وكذلك تعيين رئيس قضاء والنائب العام”.
وأضاف عبد السلام أن “المشروع يتميز بأنه يؤمن الحياة الديمقراطية من الانقلابات العسكرية ويركز على فيدرالية الحكم في الفترة الانتقالية، ويضم وثيقة الحريات وإجراءات تحول ديمقراطي حقيقي”.
وأردف: “لذلك هو المخرج للأزمة، لأنه يُشرِكُ كل القوى السياسية إلا من يدعمون الانقلاب.. والدول الدول الغربية تدعم مشروع الدستور الانتقالي لأن الديمقراطية مطلوبة في كل دول العالم”.
وزاد أن “الدول الغربية تعرف الدساتير والنظم التي تقود إلى التحول الديمقراطي وتعرف كيف تكتب الدساتير، وتعرف الفرق بين الدساتير الديمقراطية والشمولية”.
واستطرد: “الدول الغربية تعرف قيمة ثورة ديسمبر (2018م) السودانية (أطاحت بالبشير في العام التالي)، لذلك وقفت مع أهم مشروع للتحول الديمقراطي، وهو مشروع دستور المرحلة الانتقالية”.
التوافق الداخلي أهم
أما الخبير، الاستراتيجي أمين إسماعيل مجذوب، فقال إن مشروع الدستور الانتقالي للجنة المحامين “لا يُعتبر حتى الآن وثيقة متفقاً عليها، وموافقة الدول الغربية لا تعني أنه تم اعتماده محلياً”.
وأضاف مجذوب أن “الدستور شأن محلي وطني ولا شأن للقوى الغربية به، لذلك هو يحتاج الآن إلى التوافق بين القوى السياسية المحلية”، وأردف: “مسألة قبول القوى الغربية بمشروع الدستور الانتقالي هي فقط محاولة لإنهاء الأزمة بأي شكل من الأشكال”.