رأي

الدروس المستفادة!!

التمنة

رائد شرطة (م)

عمر محمد عثمان

نهاية شهر أكتوبر المنصرم، شهدت العاصمة الكورية الجنوبية سول، حادثاً مأساوياً، راح ضحيته أكثر من 150 قتيلاً، جراء التدافع في احتفال عيد الهالوين. وقدّم وزير الداخلية الكوري اعتذاراً للشعب قبل أن يحني رأسه أمام الكاميرات. وقال المفوض العام للشرطة الكورية: “أشعر بمسؤولية لا حدود لها، بشأن السلامة العامة في هذا الحادث، وسأبذل قصارى جهدي للتأكد من أن مثل هذه المأساة لن تحدث مرة أخرى”. الجدير بالذكر أن بلدية سول تملك نظام مراقبة للحشود بالوقت الحقيقي يستخدم بيانات الهواتف المحمولة لتقدير حجم المشاركين في حدث معين، ولكنها لم تستخدمه يوم وقوع الحادثة وفق وسائل الإعلام المحلية.

هذه الحادثة يمكن أن نستخلص منها كثيراً من الدروس. الأول منها أهمية تقدير الموقف السليم واتخاذ جميع الإجراءات والاحتياطات المناسبة لحفظ أمن وسلامة الناس. فمن الواضح أن الشرطة لم تُحسِن تقدير الموقف وحدث ما حدث!!  الدرس الثاني هو أننا بشر نقصّر ونخطئ ونصيب، فإذا أخطأنا أو قصّرنا علينا الاعتراف بشجاعة، والعمل على تلافي وقوع مثل هذا الخطأ أو التقصير مرة أخرى.

 دراسة مثل هذه الحوادث والوقوف عليها، أمر بالغ الأهمية، فالدروس المستفادة هي المعرفة أو الفهم المكتسب من خلال التجربة إيجابية أو سلبية. وهناك حكمة صينية تقول: “يأتي النجاح من القرارات الصائبة، والقرارات الصائبة تأتي من التقدير السليم للأمور، والتقدير السليم يأتي من التجارب، والتجارب تأتي من التقدير الخاطئ للأمور”.

إن التغيير على المستوىيين الهيكلي والفني، الذي ينتظم الداخلية والشرطة السودانية، بخطى متسارعة الآن، يلزمه أيضاً تغيير على المستوى الفكري، لإنتاج ثقافة جديدة تعزز الانتماء لشرطة مهنية ملتزمة بالقواعد والمعايير الدولية للأداء. شرطة شفافة خاضعة للمساءلة قادرة على الاعتراف بأي قصور أو خطأ يعتري أعمالها، ولديها الرغبة والإرادة لتصحيحه ومحاسبة مرتكبيه من منسوبيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى