الخرطوم – انتقال
في أواخر العام 2020م بدأت إجراءات البيع الصوري لشركة ميروقولد المحدودة، وتم إتمام عملية البيع في 28 ديسمبر 2020م بمبلغ مالي يناهز مليوني يورو تحديداً (1.729.640 يورو). وبموجب ذلك بدأت رحلة استخراج التصاديق للعمل باسم العمل (ميرو قولد لمعالجة مخلفات التعدين بالرقم: 123056) في ولايتي نهر النيل وجنوب كردفان بالتزامن مع نقل ملكية اسم العمل والتراخيص الممنوحة له لصالح شركة الصولج المحدودة، وتقدموا لنيل الموافقات من وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وكذلك موافقة المسجل التجاري العام للشركات، وهو الأمر الذي يتطلب أخذ موافقة من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو. وبعد الدراسة المتأنية وجدت اللجنة أن “ميخائيل بتكوين” المدير العام لشركة ميروقولد المحدودة عكف على إجراءات بيع متعجلة لشركة الصولج في الفترة التي بدأت اللجنة العمل فيها على ملفات التعدين والشركات العاملة في مجال التعدين. وقرر في اجتماع مجلس الإدارة رقم (20) المنعقد يوم 16 فبراير 2021م التنازل عن اسم العمل وملحقاته والتراخيص لصالح الصولج بالقيمة التي ذكرت سابقاً. وفي يونيو 2021م تقدمت الشركة بطلب لوزارة الاستثمار لمنحهم الموافقة على التنازل منهم لصالح الصولج، وفي تلك الفترة حاولوا نقل أصولهم المنقولة لمقر شركة الصولج في أحد المواقع التابعة لشركة زادنا.
الجيش وممتلكات النظام البائد
بتتبع مساراتٍ عديدة توصلت الحكومة الانتقالية ولجنة تفكيك نظام 30 من يونيو واسترداد الأموال العامة قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021، إلى أن هناك عسكريين وقادة في الجيش قاموا بمحاولاتٍ عديدة للاستحواذ على المرافق والمنشآت والمؤسساتِ الموروثة من النظام البائد خاصةً ذات الطابع الاقتصادي وتحويل ملكيتها لصناديق خاصة بالجيش والأمن. واحتمى عددٌ كبير من الذين طالتهم يد التحقيق في ملفاتٍ تتعلق بالفساد بالجيش وتحويل ملكية مؤسساتهم وشركاتهم تحت أسماء أعمال أو شركات تتبع للقوات المسلحة وتحظى بحمايتها. ولم تخرج شركة “ميرقولد” من هذه الدائرة والحصول على الحماية من المساءلة والملاحقة القانونية.
لجنة تفكيك.. الحسم
وحصل خلافٌ بين لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة وقيادة القوات المسلحة في عددٍ من الملفات أولها استرداد أبراج الضفاف المملوكةِ لرجل الأعمال المرتبط بنظام المؤتمر الوطني المحلول عبد الباسط حمزة، إذ حاولت قيادة القوات المسلحة تحويل ملكيتها لصالح شركة زادنا، لكن لجنة التفكيك استردتها وحولتها لصالح حكومة السودان، وتم تسجيلها باسم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ومن بعدها حدثت محاولاتٌ لتغيير ملكية عددٍ من الشركات لصالح صندوق الضمان لضباط القوات المسلحة – وهو صندوق خاص – كما حدثت محاولاتٌ في شركات تتبع لجهاز المخابرات العامة لتحويل ملكيتها لذات الصندوق وهو ما أوقفته لجنة التفكيك.
وتزامن ذلك مع حدثين مهمين، هما واقعة طائرة كانت متوجهة إلى مطار اللاذقية بالجمهورية العربية السوريةِ تحمل شحنةً من الذهب، وواقعة أخرى لنقل شحنة أخرى من مطار بورتسودان ذات إرتباطٍ بشركة “ميروقولد”.
الرحلات.. أرقام وتاريخ
في مطلع أغسطس وردت معلوماتٌ إلى لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة عن هبوط طائرةٍ في مطار بورتسودان محملة بصناديق وتم إكمال إجراءات عددٍ من الأشخاص يحملون الجنسية الروسية في مطار الخرطوم برفقتهم شحنة مماثلة. وأخطرت اللجنة السلطات المعنية في ولايتي الخرطوم والبحر الأحمر والتي باشرت التعامل وفق الإجراءات القانونية وفتح دعاوى جنائية، لكن أعضاء لجنة التفكيك فوجئوا بتدخل من قيادة الجيش، واعتراض تفتيش الشحنات أو الاستفسار عن المرافقين من حاملي الجنسية الروسية أو اتخاذ أي إجراءات ضدهم، وكان بعضهم يحمل تأشيرات دخولٍ منتهية الصلاحية منذ سبعةِ أشهر سبقت أغسطس ذلك العام وإجراءاتها تمت عبر وزارة الدفاع.
التحريات كشفت عن رحلاتٍ مماثلة ونقل مجموعات من الروس وتهريب شحنات من الذهب، وجاءت تفاصيل الرحلات خلال 8 أشهر على النحو الموضح في الصورة :
شبكة ميروقولد
ترتبط شركة ميروقولد بشبكة من الشركات والمؤسسات ذات ارتباطٍ بالمؤسسة العسكرية منها شركة أسوار للخدمات اللوجستية وهي مملوكة للمخابرات وصاحبة العقد الحصري لتقديم خدمات النقل ولديها تعاملات مع قوات نظامية أخرى منها قوات الدعم السريع فيما يختص بتقديم خدمات التدريب العسكري.
الشركات المملوكة للنظام المخلوع لم تتم عملية نقل أسهمها أو ملكيتها ولكن حدثت تدخلات من قيادةِ الدعم السريع للإشراف على تلك الشركات وتقاسم ريعها مع الجيش خاصةً منظومة الصناعات الدفاعية والتي يوجد ممثلٌ للدعم السريع في إدارتها.
وتعمل شركتان روسيتان هما (كوش) و(ميرو قولد) في مجال الذهب. وتعتبر الأولى من الشركات المنتجة لنحو 4 إلى 5 أطنان سنوياً بحسب ما هو معلن، ولكن لم يتم تحديد حجم الإنتاج لشركةِ ميروقولد والتي ترتبط بالعمل مع مجموعة “فاغنر” الروسية. ولم تفصح الشركة السودانية للمعادن ووزارة المعادن عن الإنتاج الفعلي لهذه الشركة.
شركات التغطية
مؤخراً أعلنت شركة هايبر ديل – وهي تعمل أيضاً في مجال سوق الأوراق المالية والأسهم – عن طرح أسهم لمطار الخرطوم الدولي للاكتتاب على أن تسلم الأرباح لمالكي الأسهم بالدولار على أن يتم الشراء بالدرهم الإماراتي أو الريال السعودي في السودان. هذه الشركة تعد غطاءً لشركة ميروقولد، ومع تمدد شركة ميرقولد هناك شركات تنشط في السودان للتغطية على أعمالها وهما هايبر ديل وشركة زادنا المملوكة للجيش التي تنشط في شراء الذهب وترحيله إلى مصر بحراسة من عناصر تتبع للقوات النظامية براً، ويتم استقبال كميات الذهب المهربة في مصر من قبل شركة سويس جولد التابعة للجيش المصري، وتتم عمليات التحويل بالعملة المصرية التي تأثرت جراء عمليات الطباعة الكثيفة لشراء الذهب السوداني عن طريق البنك الأهلي المصري والاستلام والتسليم في الخرطوم والقاهرة.