رأي

سنظل نذكر ما فعلتم: الإرهاب

حمّور زيادة

زلزلت الأرض، وقامت قيامتنا.

ما عادت بلادنا كبلادنا. في السنوات الأولى من حقبة التسعينيات بدا السودان كأنه أرض الميعاد لكل إرهابي مطلوب في بلاده، أو ضاق بها وضاقت به.

جاءت جماعات المقاتلين في أفغانستان أولاً. مجموعات من السودانيين العائدين إلى بلادهم، ثم تبعهم سوريون ويمنيون وليبيون وغيرهم.

قال القيادي بالحركة الإسلامية غازي صلاح الدين، إن السودان يطبق مبدأ الاستجارة، لذلك يهرب إليه المضطهدون.

المضحك أنه في تلك الحقبة التي فتحت فيها البلاد أحضانها لاستقبال الجماعات الجهادية بمبدأ الاستجارة، عرف السودانيون للمرة الأولى مبدأ اللجوء السياسي والإنساني.

فبينما ينتشر تنظيم القاعدة ومقاتلوه في معسكرت مجهزة، ومساكن مستأجرة، كان سياسيون وناشطون وصحفيون وفنانون يحصلون على أوراق اللجوء إلى أوروبا، وكندا واستراليا.

البلاد المُجيرة كانت تطرد أبناءها.

د.حسن الترابي عرّاب النظام، وزعيم الحركة الإسلامية، والرجل الذي خطط للانقلاب العسكري والقضاء على الديموقراطية، وجه الدعوة للشيخ أسامة بن لادن ليستقر بالسودان، ويجعله نقطة انطلاق لعمليات تنظيم القاعدة.

جاء بن لادن بأمواله وإرهابييه، وظهر في التلفزيون الرسمي يفتتح المشاريع مع رئيس الجمهورية عمر البشير؛ وجاء رفيقه وخليفته لاحقاً أيمن الظواهري، ومعه جماعة الجهاد المصرية.

وعمل جهاز الأمن السوداني مع المجموعات الإرهابية، تدريباً وتمويلاً وتسهيلاً؛ فحمل الإرهابيون جوازات سفر سودانية، وأشرفت الأجهزة الأمنية والسفارات على عملياتهم الارهابية.

دوت الرصاصات في أديس أبابا، بمحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق وهو في طريقه إلى اجتماعات القمة الإفريقية. كانت جماعة الجهاد المصرية تحمل السلاح، والحركة الإسلامية السودانية دفعت ثمنه من خزانة الدولة.

انفجرت القنابل في السفارات الغربية، وكان الجناة يحملون جوازات السفر السودانية.

يمكنك ببحث سريع في سيرة أي إرهابي شهير في العقود الثلاثة الأخيرة، أن تجد أنه مرّ بالسودان، وأقام به في تلك الفترة.

كانت بلادنا قبلة ومأوى للإرهابيين. تُفتح لهم أبواب الدولة وخزائنها.

وبسبب ذلك عرفنا العالم كدولة راعية للإرهاب، وأصبح السوداني في المطارات الأجنبية موضع شك وشبهة.

وحتى بعدما غدرت الحركة الإسلامية برفاقها الذين أجارتهم، فباعت كارلوس مخدراً للمخابرات الفرنسية، وطردت بن لادن واحتالت عليه وحجزت أمواله، وسلمت طائرات ممتلئة بالمطلوبين لأمريكا وغيرها؛ رغم ذلك ظلت على ودها القديم. ويوم قتل أسامة بن لادن سمحت الحركة الإسلامية بخروج موكب مؤيد له بقيادة الشيخ عبد الحي يوسف، المقرّب من الرئيس البشير. وأقيمت صلاة الغائب على روح الإرهابي الشهير والمطلوب رقم واحد. وقال نائب رئيس هيئة علماء السودان إن بن لادن مجاهد لا يفرح بموته إلا كافر!

جعلت الحركة الإسلامية بلادنا واحة للتطرف والإرهابيين، وأهدرت أموالنا الشحيحة في تدريب المجرمين ونشر الرعب حول العالم.

هذه جريمة لن يسقطها الزمن. ولا بد من الاعتراف بها والاعتذار عنها. ويجب فتح جميع ملفاتها، ومحاكمة جميع من عملوا مع الإرهابيين ودربوهم ومولوهم من قيادات الحركة الإسلامية والأجهزة الأمنية.

إننا لن ننسى كيف جعلت الحركة الإسلامية اسم بلادنا مرادفاً للإرهاب والجماعات الإرهابية، وكيف نشرت التفجيرات والموت في دول المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى