تقارير

شيخ الأمين .. لو ماعجيني منو البجيني ؟

رغم إستهداف "مسيده" بالقصف.. واجه حملات مؤيدي الحرب  بهدوء

انتقال : حسام عبدالوهاب

تعرض مسيد شيخ الأمين ومنزله إلى قصفٍ مدفعي ، ولكن لم يُوقع خسائر في الأرواح والأنفس ، وفق ما أعلن شيخ الأمين في مقطع فيديو وأشار فيه إلى أن هذه الحادثة تأتي بعد حملاتٍ موجهة ضده وضد الخدمات التي يقدمها المسيد لمواطني مدينة أمدرمان من الذين لازالون قاطنين في أحيائها ، وكان الصحفي عطاف عبدالوهاب – محسوب على حزب المؤتمر الوطني المحلول والإسلاميين – قد ظهر في مقطع فيديو خلال الأسابيع الماضية وطالب القوات المسلحة بقصف مسيد شيخ الأمين ومتهماً إياه بالوقوف مع قوات الدعم السريع ، وهو مانفاه الشيخ في تصريحاتٍ سابقة .

حالةٌ فريدة

يُمثل شيخ الأمين ،حالةً دينية واجتماعية فريدة في ظل الحرب التي تعيشها البلاد منذ أبريل الماضي ، أصبح مسيده ببيت المال بمدينة أمدرمان مقصداً للمئات من سكان المدينة المعروفة بالعاصمةِ الوطنية ، وسط الاشتباكات المسلحة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ظل ( مسيده ) يقدم الوجبات على مدار اليوم والخدمات الطبية والعلاجية ، وتجاوز ذلك إلى المساهمة في إعادة الإمداد الكهربائي للمنطقةِ بحسب سكان أمدرمان ،وتأمين المنازل من السرقة بإعادة اغلاق أبواب المنازل التي تتعرض للنهب والسرقة .

من هو شيخ الأمين ؟

ولد في حي ودالبنا بأمدرمان في 5 يوليو 1965 وهو الإبن الثالث في الترتيب بين اشقائه ،درس الإبتدائي بمدرسة ود البنا والثانوي بمدرسة أمدرمان الأهلية ،درس العلوم الإسلامية بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز بالمملكة العربية السعودية ،أخذ الطريقة المكاشفية القادرية من الشيخ عبدالله المكاشفي بالمنارة ريفي الرهد بشمال كردفان سنة 1980،تولى المشيخة بعد وفاة والده منذ العام 1992، بدأ عمله التجاري بإستيراد الشاي في السوق العربي ثم بدأ في التجارة بين السودان والخارج .

إسمه بالكامل الأمين عمر طه الأمين وعرف بإتخاذه طريقة حياة مختلفة عن شيوخ الطرق الصوفية من ناحية أسلوب العيش وارتداء ملابس ذات طابع أكثر شبابية وكذلك أزياء أكثر حداثة مختلفاً عن نظرائه ، اتجه إلى التجارة والاستثمار في عدة دولٍ منها دولة الإمارات العربية المتحدة وافتتح زوايا لمشيخته فيها وأيضاً في بلجيكا وقام بزياراتٍ خلال سنوات ماضية إلى هولندا وبريطانيا وعقد ندواتٍ دينية بناءً على تخصصه في العلوم الإسلامية والشرعية .

 

حملات مؤيدي الحرب

في يوليو الماضي ، وصلت قوة من الدعم السريع إلى مسيده وقدمت مواد تموينية ، وظهر قادة الدعم السريع أمام المسيد متحدثين عن زيارتهم ومثلت هذه الزيارة حدثاً كبيراً حينها وتباينت وجهات النظر حولها وبث كثيرون من العارفين بحال المسيد شهاداتهم حول المسيد والقيم الدينية والاجتماعية التي يتبعها شيخ الأمين ومريدوه ( الحيران ) ، بعدها انطلقت حملةٌ إعلامية من منسوبي النظام البائد والغرف الإعلامية التابعةِ لهم ومؤيدة للحرب تهاجمه واتهمته بالانحياز إلى جانب الدعم السريع ، كعادةِ الواقفين بصف الحرب واستمرارها في تخوين كل شخصٍ يتخذ مواقف رافضة للحرب والاقتتال ويقدم خدماتٍ إنسانية وجد هجوماً عنيفاً وحملات لتشويه سمعته واخبار مضللة تتحدث تارةً عن مغاردته أمدرمان وأخرى عن تعرضه لإصاباتٍ ومقتله وأخرى عن اعتقاله من قبل القوات المسلحة  ، واجه شيخ الأمين كل ذلك بهدوءٍ وصبرٍ لاحظه جميع من تابع مقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي .

الهدوء أمام الإعلام

عُرف عن شيخ الأمين الهدوء والبرود في التعامل مع الإعلام ومايتم تداوله من اخباره منذ سنوات ، حيث يُعد من الشخصيات التي أثارت الرأي العام في السودان كثيراً بسبب طريقته كرجل ديني يتبع إطاراً حديثاً في نشر الدين والتعامل الاجتماعي ،وظل مسيده خلال سنوات يستقبل فئاتٍ مختلفة من المجتمع سياسيين ومطربين وناشطين اجتماعيين ومسؤولين حكوميين وصحفيين ، وأجريت معه العديد من اللقاءات الصحفية في وسائل اعلام محلية واخبارية دولية .

 

مسيد شيخ الأمين

ظهر شيخ الأمين  في مقطع فيديو ينفي ذلك كاشفاً عن الأدوار التي يقوم بها المسيد وأتباعه دون منٍ أو أذى وأن ما يأتي لخدمة الناس هو نعمةٌ من الله وتسهيلٌ سماوي ووقفة الناس مع بعضهم البعض ، يقدم مسيد شيخ الأمين ببيت المال بحسب المقيمين فيه من المدنيين الذين ارهقتهم العمليات القتالية وتم نهب منازلهم وسرقتها ، ثلاث وجباتٍ يومياً ويتم توزيع وجباتٍ أخرى للقاطنين في المنازل حول المسيد وفي مناطق أبعد منها ، كما يقدم المسيد الخدماتٍ العلاجية للمصابين من المواطنيين واستقبال حالات لمرضى وحتى النساء الحوامل و خدمات ما بعد الولادة ، ورغم محدودية الإمكانيات الطبية إلا أن سكان أمدرمان وغيرهم ممن اضطرهم اللجوء إلى المسيد يتحدثون عن جهودٍ عظيمة لشيخ الأمين ومريديه في دعم وتقديم الخدمات اللازمة لكل من يحتاجها وتوفير الممكن منها .

توالى ظهور شيخ الأمين في مقاطع فيديو يُحدث فيها الناس عن أهمية التكافل والتضامن في هذه الظروف التي تعيشها البلاد ، ووصف الحرب بأنها كارثة حلت بالبلاد ، نافياً إنحيازه إلى طرفٍ من أطرافها ، ورافضاً إياها بصورةٍ واضحة عبر عنها بكلماتٍ وخطاب بسيط وأسلوبٍ رفيع وتتجسد فيه سمات الأدب الصوفي .

أعاد شيخ الأمين ومسيده تعريف دور رجال الدين والتصوف تجاه المجتمع والناس في مثل حالاتِ الحروب لينطبق عليه قول العارف الصوفي المعروف بالحكمة :  (كان ماعجيني منو البجيني ) .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى