كسلا – انتقال
أوضاع مأساوية يعايشها الشعب السوداني عقب حرب 15 ابريل، و تصنيف منظمات دولية للوضع الانساني في البلاد، كأكبر كارثة في الكوكب في الوقت الراهن، مع ملايين من الجوعى، و ملايين أخرى قاربت مرحلة إنعدام كامل للأمن الغذائي، تزامناً مع وفيات عديدة خاصة للأطفال بسبب نقص الغذاء.
الآلام السودانية لم تتوقف، فما بين مجاعة طلت برأسها و بدأت تجتاح عديد الأسر المكلومة، كانت سلطات الأمر الواقع تزيد صب الزيت على النار، بطردها آلاف الأسر النازحة من مدارس ومباني حكومية إختاروها “جبراً” كمأوى يقيهم شر الحر الغائظ و الأمطار و غوائل الدهر الأخرى.
و مع تصاعد الأزمة الانسانية وتفاقمها أبدت (15) دولة إفريقية وعربية، بالغ قلقها إزاء ما خلص إليه تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، المنشور بتاريخ 27 يونيو 2024، والذي أأتأذكر في تفاصيله بأن “ السودان يواجه عقب 14 شهراً من الحرب أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد التي سجلها التصنيف على الإطلاق في البلاد”.
و في 15 ابريل اندلعت حرب مدمرة في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسببت في مقتل عشرات الآلاف و تشريد ملايين المدنيين، و تحطيم البنية التحتية للبلاد، فضلاً عن تسببها في انهيار شبه كامل للإقتصاد، و أدت الى ما وصفته منظمات أممية بالكارثة الإنسانية الأكبر في الكوكب.
وقالت ممثلة “يونيسيف” في السودان مانديبأوبراين 12 يونيو الحالي إن “قرابة 8.9 ملايين من أطفال السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد والأمراض”، مضيفة أن أكثر من 7 ملايين سوداني نزحوا داخلياً منذ بدء الحرب، منهم نحو 4 ملايين طفل وأشارت المسؤولة ان نزوح الأطفال تصاحبه أزمات أخرى متعددة نتيجه الحرب.
و في كارثة جديدة، ستزيد من المجاعة بالسودان، خرج مشروع الجزيرة و امتداد المناقل، و للمرة الأولى منذ 100 عام، “قسراً” عن الدورة الزراعية بسبب الحرب، ويساهم المشروع الذي يعد الأكبر في البلاد، بمساحة 2.2 مليون فدان، بنحو 65 % من إنتاج البلاد من الذرة والقمح والقطن والمحاصيل البستانية.
دعوة لإستجابة فورية لإغاثة السودانيين
وفي بيان مشترك، الاثنين، أبدت، دول الإمارات، والمغرب، والأردن، وموريتانيا، وتشاد، وجزر القمر، وغينيا بيساو، وسيشل، والسنغال، وبنين، وكينيا، وسيراليون، وأوغندا، وموزمبيق ونيجيريا قلقها، من مستوى “غير مسبوق” من انعدام الأمن الغذائي في السودان، ما يترك 25.6 مليون شخص في مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد و14 منطقة معرضةً لخطر المجاعة، منوهة الى التدهور الصارخ والسريع في حالة الأمن الغذائي والتأثيرات الوخيمة للوضع المتدهور على سلامة المدنيين ورفاهيتهم، وقالت في بيانها المشترك ” ندرك بشكل خاص أن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في السودان يمثل تحديًا إنسانيًا كبيرًا، مع تداعيات محتملة على النزوح واللاجئين وديناميكيات الهجرة، مما يؤكد أهمية وجود استجابة دولية منسقة للتعامل مع الأزمة، و يثير جزعنا تفاقم الأزمة الإنسانية والعواقب المأساوية التي يخلفها الصراع على الشعب السوداني، و زادت ” نذكّر بطلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الأطراف المتحاربة السماح وتسهيل المرور السريع والآمن والمستدام ومن دون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين”.
وقطعت بضرورة تسهيل الأطراف، وبشكل عاجل للتأشيرات وتصاريح السفر المطلوبة للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات الأساسية، بما يتماشى مع القرار 2736 المعتمد في 13 يونيو 2024م ، داعية الأطراف المتحاربة في السودان إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وطالبت المجتمع الدولي بتقديم استجابة دولية فورية ومنسقة لتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من الحرب السودانية المستمرة منذ 15 ابريل العام الماضي.
دعوة للحرب.. تجاهل للكارثة الإنسانية
من جانبه إستهجن الامين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية حسام الدين حيدر، تركيز سلطة الأمر الواقع على إستقطاب الدعم من المواطنين لإستمرار الحرب، بينما تتجاهل المآسي الانسانية التي ينبغي -حسب قوله- أن تكون لها الأولوية لدى من يطرح نفسه قائداً مسؤولاً عن الشعب، وقال لـ”انتقال” بأن إنشغال القائد العام للجيش بإستمرار الحرب و الطواف على المواطنين لجمع المال إسناداً لميزانيات شراء السلاح و إتمام حريق البلاد، يثير الحيرة، ملايين السودانيين الجوعى أولى بالسعي لإستقطاب الدعم من أجلهم، بل الأولى وقف الحرب فوراً حفاظاً على أرواح هؤلاء المواطنين الأبرياء الذين شردتهم الحرب و أذلتهم، و تنتظرهم الآن الوفيات بالجملة جوعاً” .
و حيال عدم إكتراث آلاف النشطاء بالمجاعة في بلادهم، نبه حيدر إلى أن كثير من هؤلاء يخشى التخوين إن تحدث عن شئ غير إستمرار الحرب، و زاد ” كل من يتخذ موقفاً ضد الحرب وخطابها المتداعي أخلاقياً والفاقد للمنطق بالأساس كون الحرب هي ضد المنطق، يكون محل هجوم وتخوين وتتفيه وتسفيه وشتمٍ من دعاة الحرب ومجموعاتهم الإعلامية” غير أنه عاد ليؤكد بأن الوضع القاتم للبلاد وشبح المجاعة الذي حرك العالم الآن للحديث عن الكارثة السودانية، لابد من تكثيف العمل عليه لأجل إنقاذ ملايين السودانيين من الموت جوعاً.
#intigal #انتقال